من سجن الايقاف إلى دراسة الماجستير…نهاية تهم الارهاب؟

الناطق الرسمي السابق باسم انصار الشريعة الذي تخلى عن الصفة منذ حظر التنظيم سنة 2013، يؤكد نيله الحكم بالبراءة في جميع التهم الموجهة اليه ويقول انه عاد الى الدراسة لمواصلة التعلم وتحصيل الدكتوراه. ويتحدث عن ظروف الترسيم وينصح الشباب السلفي.

( 33 سنة طالب ماجستير لغة عربية بجامعة القيروان)

تفاصيل اختطاف الراعي نجيب القاسمي وقتله في القصرين

* تحقيق ناجح الزغدودي

في منطقة سيدي حراث الواقعة عند سفح جبل سمامة بولاية القصرين التونسية وهو الجبل الذي يتحصن به مسلحون، وعبر مسلك صعب كانت لتكروان زيارة الى منزل الفقيد نجيب القاسمي الذي تصفه عائلته بالشهيد وهو الراعي الذي اختطفه مسلحون ثم قتلوه لانه كان يراقب تحركاتهم ويدل قوات الامن والجيش على تحركاتهم. 6 مسلحين اختطفوه ثم قتلوه كما قتلوا جنودا حاولوا تحريره.

التقينا عائلة نجيب بعد حوالي ساعة من دفنه وجنازة شارك فيها والي القصرين الذي انتظر وصول الجنازة عند باب المقبرة ولم يكلف نفسه عناء تعزية الاهل في منزلهم لان الطريق كانت وعرة. واكتفى بارسال مساعدة رفضتها العائلة واعتبرتها اهانة.

في ما يلي تفاصيل عن الحادثة وشهادات ورسائل ومطالب. في تغطية صحفية ميدانية

وقد طالب أهالي منطقتي سيدي حراث ومشرق الشمس، من ولاية القصرين السلطات الجهوية والوطنية بإيجاد حل لمتساكني المناطق المتاخمة للجبال المتحصنة بها العناصر الإرهابية، وتوفير الحماية الضرورية لهم.

كما طالبوا أيضا بمساعدة عائلة الشهيد نجيب القاسمي الذي ترك طفلين وزوجة عاطلة عن العمل ودون مسكن.

يذكر أن مجموعة مسلحة كانت قد اختطفت الأحد الماضي الراعي نجيب القاسمي وأعدمته،متهمة إياه بالجوسسة ونقل إخبارها إلى الأمنيين.

 

عمل صحفي ميداني لاستقصاء الحقيقة

عمل صحفي ميداني لاستقصاء الحقيقة

 

  وزير الداخلية كرم أحد “الارهابيين” في جامع عقبة…والقضاء برأه

 

كتب ناجح الزغدودي

لم ينته الجدل القائم بخصوص  ما اصبح يعرف ب “خلية القيروان” المكونة من 7 أفراد حسب التقارير الأمنية والتي وجهت لها تهم مختلفة منها استهداف سياح اجانب في محيط جامع عقبة. وبالتوازي مع البحث في تهم التعذيب تم تداول معلومات عن اختفائهم ومنهم من قال “تبخروا” ومنهم من قال عادوا اى الجبال.

” تمكنت من مقابلة اثنان من المتهمين من اللذين قبلوا الحديث لوسائل الاعلام في حين خير آخرون التزام الصمت متخذين موقفا من الاعلام ومنهم من لا يزال تحت تأثير التعذيب.

قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 10 أوت الماضي اطلاق سراح ال7 الموقوفين مباشرة اثر جلسة الاستماع. وهو قرار اطلاق سراح ثاني في حق نفس المجموعة التي احيلت يوم 4أوت الماضي على انظار قاضي التحقيق بالمكتب 20 وقرر اطلاق سراحهم قبل ايقافهم من جديد من قبل فرقة القورجيني. وما تزال هناك تداعيات قانونية وحقوقية للقضية التي تحولت الى قضية رأي عام خصصت لها لجنة برلمانية للتحقق من مزاعم التعذيب.

وزير الداخلية يكرم متهما…دون ان يعلم

عاد جميع الموقوفين الى منازلهم حسب محاميهم بشكل سريع خشية ايقافهم ثانية. كان حسان العياشي آخر من غادر تونس نظرا لكونه أصيل منطقة سبيبة من معتمدية القصرين ولم يجد وسيلة نقل للعودة. ووصف حسان بكونه زعيم “خلية القيروان” التي كثرت التصريحات الاعلامية بشأنها.

 حسان، كان قد جاء الى القيروان في اطار الدراسة. حفظ فيها القرآن الكريم بإحدى الجمعيات القرآنية ودرس بمعهد “الامام مالك للعلوم الشرعية” وهو معهد تشرف عليه جمعية الامام مالك التي كان يشرف عليها فيصل الهمادي، المتهم السابق في قضية “خلية القيروان”.

 وزير الداخلية يكرم محسان

حسان كان من بين الحفاظ الذين كرمهم وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي ليلة ال27 من رمضان. وتظهر صورة التكريم الى جانب الغرسلي والي القيروان ونائب البرلمان سهيل العلويني ورئيس البلدية وامام جامع عقبة. وحدث من التقيناهم كيف حاور حسان وزير الداخلية اثر مقابلتهم في مركز الايقاف بالقورجاني وأخبره أنه “كرمه فرد عليه الوزير “كل حاجة في بلاصتها”.

يوم زيارة وزير الداخلية (قبل ايقاف حسان) شهدت القيروان حضورا امنيّا مكثفا. وقد افاد وزير الداخلية يومها في رد عن التواجد الامني المكثف أنه أمر عادي مثل بقية الجهات. لكن في تلك الفترة لم تكن القيروان مثل بقية الجهات. ففي الوقت الذي ذهبت فيه القوات الأمنية التي وفرت الحماية الأمنية لوزير الداخلية وضيوف الجامع، لم تتبق سوى دوريات امنة للأمن السياحي في محيط جامع عقبة تؤمن حراسة جامع عقبة.

في تلك الفترة تم تداول معلومات عن محاولات استهداف جامع عقبة وإمكانية استهداف سياح. وكانت اليقظة على أشدها. من ذلك عندما حاول مواطنان الصعود الى مئذنة جامع عقبة، تم استدعاء الأمن الذي جاء ورافق احد العاملين بالجامع والبحث معه بمنطقة الأمن ثم أطلق سراحه.

كان حسان العياشي، صاحب الجائزة هو منطلق القضية الى جانب شخص آخر من مدنين. وجهت لهما تهمة السفر الى ليبيا بالاستناد الى دردشة على الفيسبوك. ثم تم استدعاء عدد آخر من المتهمين الى حين وصول العدد الى 7 متهمين وأصبح هناك ما يعرف ب”خلية القيروان” التي دارت حولها عديد الروايات.

فيصل الهمادي الذي نفى تعرضه للتعذيب ووجهت له تهمة التحريض على السفر الى سوريا ومبايعة “داعش”. والثاني وسام العرفاوي والذي تحدث عن تعرضه للتعذيب ووجهت له تهم التخطيط لاستهداف سياح اجانب.

كانت مقابلات “المتهمان” منفصلة في منزل كل واحد منهما وهما يعيشان حياة عادية بعد الافراج يحاولان تجاوز الاثر النفسي لما عاشاه طيلة اسبوعين. يقطن فيصل بمنطقة الباطن ويقطن وسام بمعتمدية السبيخة.

فيصل الهمادي، تحصل على الباكالوريا درس بالسنة الاولى رياضيات تطبيقية ثم اتجه الى السعودية ودرس الشريعة وحصل على الاستاذية ثم الماجستير بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف. عاد الى تونس بعد الثورة وكان اماما خطيبا بجامع الفتح بمدينة القيروان الى حين تعرضه الى عملية جراحية منعته من صعود المنبر واصدار قرار بالغاء صلاة الجمعة من الجامع. وهو رئيس سابق لمعهد الامام مالك للعلوم الشرعية وقال أنه لم يعد رئيسها منذ فترة.

طلبة المعهد والمدير…متهمون

الهمادي (أب ل3 أطفال) قال انه عاطل عن العمل ينتظر شغلا في اختصاصه وقد قام بمعادلة للماجتسير لدى وزارة التعليم العالي لشهادة الماجستير التي تحصل عليها في السعودية الى جانب اجازات اخرى وشهادة في حفظ القرآن الكريم. وقد اوراقه من اجل تعيينه اماما خطيبا بأحد المساجد. وقد سبق له امامة الناس بعد “استشارة الواعظ الديني الذي قبل مني الاوراق الى حين تعييني اماما على المسجد”.

وقال الهمادي ان فرقة مكافحة الارهاب يوم ايقافه (30 جويلية) حضرت الى منزله طلبت منه مرافقتها في هدوء ولم يتم تفتيش منزله (قال ان احد الاعوان قبل ابنه). وصرح انه لم يعلم بالتهمة الموجهة له الا عند انطلاق البحث. وقال انه تم بحثه بخصوص تهمة التحريض على الذهاب الى سوريا. وقال الهمادي “ان التهمة باطلة وعارية عن الادلة والبراهين وهي لا يمكن ان تصدر من مسلم عاقل يريد الامن له ولبلده فضلا عن ان تصدر من طالب علم حصل على شهادات اراد ان ينفع بها بلده. وقال ان من حضر الخطب يشهد بالتزامي بما جاء في الكتاب والسنة والالتزام بما جاء في مذهب الامام مالك السني”.

وقد جيء ببعض الشباب الذين درسوا في المعهد وذهبوا الى شؤونهم الخاصة منذ سنوات” وبحكم اني كنت مشرفا على المدرسة جاؤوا بهؤلاء الشباب  في نفس المجموعة قال شهد على تهمة التحريض لكن الهمادي انكرها. وافاد ان الشاهد تراجع امام قاضي التحقيق لأنه اعترف تحت التعذيب. مؤكدا أنه سبق له تقديم قائمة في الطلبة الى منطقة الأمن بالقيروان قبل ايام من ايقافه. وأوضح أنه حصلت مكافحة بينه وبين بقية المتهمين. وقال ان خطبه ودروسه مسجلة

استهداف السياح…الحكم الشرعي

لم يتعرض الهمادي الى التعذيب وقال انه تعرض له فقط “الضغط والعنف المادي” والتهديد في صورة عدم التوقيع على المحضر. وكذلك عدم تمكينه من الاطلاع على محضر البحث. وقال بأنه تفاجئ أمام قاضي التحقيق (مكتب 20) بأنه امضى على 7 أوراق قال انه لم يقرأها منها تهم مبايعة داعش مؤكدا انه نفى هذه التهم امام قاضي التحقيق في مناسبتين وتم الافراج عنه.

وأفاد الهمادي ان وزير الداخلية زارهم في مركز الايقاف وعاين الصحة الجسدية للموقوفين مساء الثلاثاء (4 أوت)  اثر اعادة ايقافهم قبل الندوة الصحفية التي عقدها. وتحدث معهم فردا فردا وذكر انه اثر خروجهم من المحكمة تم اعادة ايقافهم وتم اخبارهم بانهم سيغادرون بمجرد التوقيع على بعض الاوراق. وقال الهمادي ان فترة الايقاف الثانية لم يتم فيها التحقيق معهم في اي تهم وانما تم فقط امرهم بالإمضاء ولم يتم تعذيب أي أحد وتحدث عن اختفاء اعوان كانوا يحققوا معهم. وقد طلب منهم فقط التوقيع على الأوراق وقد رفض بعضهم رغم التهديد وقال ان قاضي لتحقيق طلب منهم عدم الامضاء على اي وثيقة.

وقد حكم قاضي التحقيق الثاني باطلاق سراح جميع الموقوفين في قضية “خلية القيروان”. وقال الهمادي انه اثناء تواجده بالقرجاني لم يسمع بتهمة “التخطيط لاستهداف سياح” وقال ان استهداف السياح محرم شرعا “ولا يجوز لنا البتة نقض العهود” معتبرا السياح من منظور شرعي هم “معاهدون لا يليق ايذاءهم” والحرص على دعوتهم لزيارة البلاد ومعرفة الاسلام.

وتحدث عن حضور وزير الداخلية (بعد انتصاف الليلة التي اختطفوا فيها) واخبره بدوره انه لم يعذب في حين عاين اثار التعذيب لدى اجساد موقوفين آخرين الى جانب حضور اعضاء اللجنة البرلمانية قبل احالتهم الى الطبيب الشرعي بمستشفى شارلنيكول. وتحدث عن عدة حالات من التعذيب الذي تعرض لها بعض الموقوفين.

وسام العرفاوي تم ايقافه يوم 29 جويلية. درس وسام علوم الاعلامية وتخرج ثم حاول دراسة علوم التمريض في القطاع الخاص لكن انقطع بسبب المصاريف. فتح محلا لبيع ما يسمى “الملابس الشرعية والتقليدية التونسية” قرب جامع عقبة ابن نافع بالقيروان. المحل مفتوح منذ 4 سنوات. علاقته طيبة بجيرانه. وقال انه تم ايقافه دون ان يعلم بالتهمة الموجهة له وكان يطلب منه الاعتراف والإمضاء. ثم بعد يوم بدأت التهم توجه له. وقال انه تم في البداية ايقاف شخصين فقط ثم بدأ جلب موقوفين آخرين.

تهم بين الانكار والاعتراف

يوم ايقافه كان وسام عائدا من المسجد صباحا، فوجد قوات امنية تحاصر الحي الذي يسكن فيه. وقال “ظننت ان قوات الامن تطارد مشتبها فيه وعندما طلب منا الجلوس على الارض جلست وعندما عرفوا باسمي طلبوا مني مرافقتهم”.

“يوم الخميس30 جويلية حصل تعذيب بأتم معنى الكلمة وكلما انكرت زاد الضرب وكلما نفذت طلبهم يتوقف الضرب”.

“كنت معلقا في قضيب حديدي وكان المحقق يطلب مني الاعتراف بأشياء لا اعرفها وعندما أسال يقدمون لي الرواية التي لديهم ثم يطلبون مني الاعتراف بالتهم” واقر انه كان يعترف بكل ما يطلب منه من أجل ان يكف عنه التعذيب الذي تنوع بين الضرب والإغراق في الماء والتعليق والكي بسيجارة ثم بلغ الى حد التهديد بسلاح ناري”. وقال انهم كانوا يتعاقبون عليه ضربا وتقريرا الى حين أغمي عليه.

كانت التهمة التي وجهت لوسام هي “التخطيط لقتل سياح” وقال حسب معتقدي الديني فإنه يحرم قتل الناس وخصوصا السياح الذين وصفهم شرعا ب”المعاهدين وأهل الذمة” مستندا الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية (من يقتل معاهد لم يرح ريح الجنة…).

وقال ان محله يأتيه السياح ويشترون من محله.  وقال يعرف جيراني معاملتي مع السياح وتواصلي معه بلغاتهم.

“الحكاية طرحت في القرجاني” يقول وسام مبينا أنه بداية التهم كان هناك 2 أشخاص (حسان ونور الدين). ثم تم جلب بقية المتهمين وفي كل مرة تظهر تهم جديدة و”حبكة لسيناريو الهجوم على السياح” بداية استعمال سيارة وسام لجلب السياح من ليبيا من قبل شخص آخر (سيقوم سيارته الى ليبيا) واتهام طرف آخر (ادريس) بالمشاركة في العملية. وادريس هو ابن منطقة حي جامع عقبة. وقد كان حسان يعرف وسام بكونه “حريفا اشترى منه بعض البضاعة كما استضافه (قال بصفته أهل القرآن) وانه لم يلتقيه منذ شهرين ونصف. وقال وسام ان حسان لفظ باسمه في البحث (قال تحت التعذيب). هذا حسب افادة وسام ل”الشروق”.

يوافق وسام على نشر تصريحاته. وقال انه سيتحاشى لاحقا الاقامة في المنزل قرب محله. ولكنه معتزم على مواصلة نشاطه لكنه في الوقت الحالي ليس لديه وثائق ليتمكن من التنقل خاصة وان سيارته وهاتفه وأمواله لا تزال محجوزة. وقد نفى حسان التصريحات التي تحدثت عن “تبخره وعودته الى الجبال” وقال انه لم يغادر منزل العائلة في السبيخة ولم يسافر لاي منطقة بسبب عدم حيازته لوثائق الهوية.

وقد قررت دائرة الاتهام بابتدائية القيروان اطلاق سراح 5 من بين ال7 المتهمين، وهم الخمسة الذين قدموا شكايات ضد اعوان فرقة القرجاني بتعذيبهم حسب محامي المتهمين.

في القيروان عائلة “شهيد” من الأمن تحيي ذكرى عيد الشهداء بمفردها “حزينة”

 

 * ريبورتاج ناجح الزغدودي

في منزل نيثر عيادي، عون الأمن الشاب (24 عاما) الذي قتل إثر إطلاق نار على منزل وزير الداخلية السابق لطفي بن جدو قبل عام،  لم تكن ذكرى الشهداء (عيد وطني يوم 9 أفريل/نيسان 2015)، سوى مناسبة حزينة أخرى. فالعائلة لم تتلق دعوة من أي مسؤول جهوي ولا وطني لحضور موكب رسمي بالمناسبة لرد الاعتبار لابنها “شهيد” وتكريمها كما جرت العادة، كما أنه لم يزرها أي مسؤول. فتضاعف حزنها وتدفقت دموعها من جديد. 

 

على جانب ضريح ابنه الّذي أحاطه بأكاليل من الزهور البرية ووضع في واجهته صورته بحجم كبير، جلس الوالد جمعة العيّادي، وهو رجل خمسيني، يحادث صورة ابنه كما لو أن صاحبها حي يرزق والحال أنه وري الثرى منذ شهر ماي 2014.

لم يشارك الأب جمعة في إحياء ذكرى الشهداء سوى الابن الأكبر محمّد (26 سنة)، وحيدان في مقبرة معتمدية نصر الله جنوب محافظة القيروان تطل على جبل الشراحيل. فقد انتظرا في المقبرة طويلا وصول شخصيّات سياسيّة وعدت بتكريم “الشهيد” في يوم عيد الشهداء ولكنهم نكثوا ولم يصلوا ولا يعرف سبب تغيبهم. ولم تكن هي المرّة الاولى التي يغيب فيها المسؤولون عن العائلة ويغفلون الاتصال بها.

 

بعد فراغه من زيارة ضريح ابنه، وهي زيارة يوميّة لم يملّ منها، يعود الوالد جمعة مثقل الخطى الى منزل العائلة، تتلقفه سيارة نقل عمومي تختصر مسافة 7 كيلومترات غير مهتم بحالة الطريق السيئة.

 

وأفاد السيد جمعة أنه منذ موكب دفن ابنه في 27 ماي/أيار2015، الذي حضره كاتب دولة في حكومة المهدي جمعة ووالي القيروان، لم يعد يتصل بالعائلة أي مسؤول منهم بمن في ذلك مسؤولي وزارة الداخليّة وممثلي نقابات الأمن وزملاء نيثر في سلك الأمن ولا أصدقاؤه المقربون. جميعهم نسوا ذلك الشاب الذي كان يحب الجميع ولكن العائلة لم تنس ولم تجف عبراتها.

 

بكاء في يوم عيد

 

الوطنية وخذلان الوطن

الوطنية وخذلان الوطن

تغطي الأعلام (التّونسيّة) جدران الغرف الضيقة بمنزل العائلة الريفي. وبالأخص العلم الضخم الذي سّجي فيه ابنها يوم دفنه. فبدت العائلة كأنها تحي عيد “الشهيد” كل يوم بمفردها.

 

بعدا وفاته، حولت العائلة غرفة “نيثر” الى مزار أو قاعة عرض بها الأعلام والصور التذكاريّة ومعلقات الشكر والشهائد المهنية والشهائد الدراسيّة التي تحصل عليها. فينثرها الوالد ويعدد خصال كأنه يؤبنه من جديد.

 

تؤكد صابرة عيّادي، والدة “نيثر” أنها لم تكفكف دموعها منذ فارقته. فهناك أشياء كثيرة تجعلها تبكي في اليوم أكثر من مرّة خاصة وهي تنتظره على مائدة الطعام ليلا وتظنه سيأتي. ومرّة وهي تشاهد جنازات الامنيين والعسكريين وآخرها موكب تأبين 5 جنود قتلوا (استشهدوا) في أحداث جبل المغيلة على يد مجموعة مسلحة (ارهابيّة). وتبكي مرّة وهي تتذكر وعود المسؤولين برد الاعتبار لابنها الذي قدّم روحه فداء للوطن. وتبكي مرّة وهي تستمع الى اجابة المحامي المتعهد بمتابعة القضية التي رفعتها، ينتظر منها مزيدا من الانتظار.

IMG_6500

لكن اكثر ما آلم العائلة هي المراسلة التي تلقتها من دائرة المحاسبات التابعة للقباضة الماليّة تطالب “شهيد الوطن نيثر عيادي بارجاع اموال عمومية” حسب نص المراسلة، وتتمثل في مرتب شهر جوان الذي لم يسمح له الارهابيون بانجازه مثل ال25 شهرا من العمل التي انجزها قبل مقتله وهو يحرس منزل الوزير.

 

قصة منزل الوزير

 

تحتفظ العائلة بتفاصيل ومعطيات تعتبرها “حقائق”  قال الوالد جمعة انه كشفها من خلال بحثه الميداني وعن طريق شهادات لمواطنين حاورهم وزملاء ابنه. منها ان ابنه نيثر وهو عون شرطة، يعمل عادة ضمن منطقة الشرطة بالقصرين. وصادف يومها تغيب أحد الاعوان المكلفين بحراسة منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو بالجهة، فكلّف نيثر بتعويضه ليلتها. وحسب السيد جمعة فان ابنه لم يكن يرفض أيّة اوامر في العمل ويجتهد في عمله وله سجل حافل بالعمليات التي نال من اجلها شهائد تقدير منها القبض على مجرمين ومتهمين بالإرهاب.

 

وأفاد الوالد ان ابنه أسرّ للعائلة قبل مقتله بكونه مراقب من قبل “سلفي” يتبعه في أكثر من مكان. كما أسّر له أنه تمكن من ايقاف أحد أشقاء مراد الغرسلي أحد أكبر المطلوبين من قبل وزارة الداخليّة في قضية الهجوم على منزل الوزير.

 

كبش فداء وأمن موازي

IMG_6496

لم تكن الوالدة صابرة تدرك بشكل جدّي، عندما قال لها مازحا “سوف لن أعود”، سيكون آخر ما يرسخ في ذهنها. ولم تكن تعلم وهي تدعو له وتدعوه الى الانتباه واليقظة، أنها شعرت باقتراب أجله رغم طمأنة أسرته أنه يحرس منزل وزير الداخليّة على أساس أنه مؤمن بشكل جيد ولا يجسر أحد على مهاجمته ثم حصل العكس. وهذا جعل العائلة تتساءل كيف أنه لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه المسلحين رغم قرب منطقة الشرطة من مكان الهجوم وتفطن الأعوان لكنهم لم تطلقوا النار. وهذا زاد في حزنها. وتريد العائلة كشف الحقيقة قبل ذكرى استشهاد ابنها في 27 ماي/أيار 2015.

 

يذكر محمد الشقيق الأكبر، كيف أن نيثر كان وهو يشاهد موكب جنازات زملائه ويحضرها، يتمنى ان يموت في المواجهة وبالرصاص وأن يقام لو موكب جنازة مثلهم.

 

خففت زيارة الوالد جمعة الى البقاع المقدسة (السعودية) للحج، من حزنه. وقال ان مدة الشهر التي قضاها في مناسك الحج جعلته ينسى بعض الشيء، لكنه بمجرد رجوعه، عادت اليه همومه وعاد يتصل برقم هاتف ابنه الذي لم يعثروا عليه عند استشهاده كما لم يعثروا على حافظة أوراقه وحقائق أخرى قال الوالد جمعة إن يكشفها فسيكون لها خطر عليه، ومن بينها روايات عن “الأمن الموازي” وهي عبارة توصف بها الاختراقات صلب وزارة الداخليّة، وتحدث عن تعرض ابنه الى “مكيدة” جعلته بمثابة كبش فداء وهذا استباق للتحقيق لقضائي. ويطالب بشدّة بكشف الحقائق.

 

وعود لا تتحقق

 

زيارة الوالد جمعة الى لأداء مناسك الحج، كانت بمثابة “هدية” من رئاسة الجمهورية قدمها الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي لعدد من أفراد أسر أمنيين قتلوا في أحداث ارهابيّة. وبخلاف هذه الهبة، لم تحصل العائلة بعد على ما وعدت به من جراية تقاعد (معاش) وتأمين صحّي ومسكن اجتماعي للعائلة ولا تخليد لذكرى ابنها الشهيد مثل التكريم الذي حصل عليه عون أمن سقراط الشارني من محافظة الكاف، قتل في مواجهات مع مسلّحين.  ومن بين امتيازاته تعيين شقيقة له معتمدة في حكومة المهدي جمعة التي انتهت في فيفري/شباط 2015 ثم كاتبة دولة مكلفة بملف الشهداء في حكومة الحبيب الصيد الى اليوم.

IMG_6506

طلب محمد أن يتم انتدابه في سلك الشرطة مكان شقيقه، ولكن مؤهلاته والإجراءات الادارية لم تسعفه. ودافعه مواصلة مشوار شقيقه وملء الفراغ النفسي الذي خلفه مقتله. وأفادوا أنه كلما شاهدوا الزي الرسمي للفقيد، هاجت مشاعرهم حزنا. والأمر الآخر في أمنية محمد هو حاجة العائلة الى معيل وسند مادي ينفق عليهم ويعوّض دور شقيقه نيثر في كفالة عائلته الفقيرة.

 

ولكن لم تكتمل بعد فرحة محمد بالوظيفة التي قدمت له بمقر معتمدية نصر الله (إدارة محلّية تابعة لوزارة الداخلية)، فهو يشتغل منذ 8 أشهر ولم يحصل على مرتب واحد طيلة الفترة.

 

تؤكد الأسرة أنها ترفض المتاجرة بدم ابنها الشهيد، ولكنها تعتبر أن كل اتصال أو تدخل رسمي يخفف عنها الضغط النفسي الذي تعاني منه ويجعلها مرتاحة البال.

 

تدفع الذكريات الأليمة العائلة الى التفكير في مغادرة ذلك المسكن المتواضع بمنطقة “هنشير الهامل”، الى محل سكنى آخر عسى أن ينسيه ذلك ذكريات ابنها التي تلاحقها في كل حركاتهم بالنهار ومحاولات نومهم بالليل. علاوة على أن الجهات الرسميّة وعدتهم بتمكينهم من مسكن.

 

تنكر الدولة

بسبب التجاهل المتواصل من قبل المسؤولين، تعتبر عائلة الأمني الضحيّة نيثر العيادي أن تضحيات ابنها من أجل الوطن قوبلت بجفاء المسؤولي وافتقادها لدعمهم المعنوي والمادي ومنها البسيط جدّا. ومن المقترحات البسيطة التي عرضتها العائلة على البلديّة، هي تسمية شارع باسم ابنها “الشهيد” وتسمية ساحة “7نوفمبر” كما كان يطلق عليها قبل ثورة 2011، باسم ابنها واقترح صديق للعائلة تسمية اسم المقبرة باسم ابنها الشهيد “نيثر العيادي”.

 

وتتجه نيّة العائلة الى تنظيم تظاهرة ثقافية وفكريّة في الذكرى الأولى لوفاة ابنها على أمل أن تخلد ذكرى ابنها لانها تعتبر أن كل ما تفعله يخفف من أوجاعها وأحزانها ويضع عنها جانبا من شجن ذكريات ابنها الذي كان مصدر بهجة العائلة وكافلها ومنير ظلمتها كما تقول والدته صابرة التي لم تصبر على ذرف الدموع في ذكرى عيد الشهداء وهي تحتفي بابنها وحيدة يرتد الى مسمع صدى صوت ابنها وهو عائد من عمله من القصرين وهي تشاهد موكب تأبين 5 شهداء من الجيش الوطني، لقوا مصرعهم في مكان قريب من المكان الذي قتل فيه ابنها ب70 رصاصة، وتدعو أن يتوقف هذا النزيف المشبوه في نظرها وأن لا تفجع والدة في ابنها…لأنها تعرف حقا معنى أن تفقد أمّا فلذة كبدها في سبيل الوطن ثم تجابه بالجحود.

مقال نشر بوكالة الاناضول/http://ar.haberler.com/arabic-news-699857/

 

 

القيروان: للمياه لون ورائحة…ومضار صحّية!

تونس القيروان ناجح الزغدودي

تشتهر محافظة القيروان وسط تونس بكونها غنية من حيث الموارد المائية العذبة. وانا كثيرة العيون ومياهها ذات جودة عالية. ولكن في الواقع هناك مشكلات بيئيّة وصحية كثيرة تفسد الافتخار بهذا المخزون الحيوي.

فقد كشف مراقبون بمصلحة حفظ الصّحّة بالقيروان، أنّ خزّانات المياه تابعة لشبكة الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه، وأخرى تابعة لمندوبيّة الفلاحة ملوّثة، وقد تسبّب بعضها في أمراض جرثوميّة، على غرار  مرض ”البوصوفير” وهو مرض جلدي معدي.

هذا ما حصل بقرية أولاد العيساوي الرّيفيّة بمعتمديّة حفوز، بالقيروان. وقد تم حينها إخضاع 30 طفلا إلى التّحاليل الجرثومية فأثبتت أنهم يعانون جميعا من الالتهاب الكبدي.
كما بيّنت تحاليل جرثومية أنّ مصدر هذا المرض هي مياه الشرب بخزان المجمع المائي بالمنطقة ومن المياه الراكدة. وقد تمّ إخضاع المرضى إلى الفحوصات والعلاج إلى أن تعافوا جميعا.

_DSC0103
مرض «البوصوفير» كان يُعالج تقليدياّ ووفق الذاكرة الشعبيّة والطبّ البديل، ببئر “سيدي إبراهيم الزّهار” الذي نسجت حوله أساطير وحكايات كثيرة، فيقصده المصابون بـ«البوصوفير»، ويقبلون على التّداوي بمياهه معتقدين أنّها “شافية ومباركة”، الى ان اثبت التّحاليل الجرثوميّة عدم صلوحيّة ماء ذلك البئر، ليس للشرب فقط، وإنّما أيضا للاستحمام. أمّا الصّدمة الثانية فهو اكتشاف أنّ المياه الّتي تّوجد في البئر وتستعمل للتّداوي، ليست مياه نابعة من البئر لأنّ المائدة المائيّة ناضبة. وهذا الأمر كان كافيا لإغلاق المحطة الاستشفائية.
الدّكتور طارق البرهومي، كاهية مدير مكلف بمصلحة حفظ الصّحّة، أفاد أن ما رُوّج عن قدرة مياه البئر على علاج “البوصفير”، ضاعف عدد مرضى الالتهاب الكبدي وتسبّب في تعكير حالاتهم الصحّية ونشر العدوى.
للماء لون ورائحة
يتعلّم التلاميذ في المدارس، أنّ الماء الصالح للشرب لا طعم ولا رائحة ولا لون له، ولكن ماء “صنداج” منطقة الحسيان بالقيروان، “يحتوي على مكوّنات فيزيائيّة غير طبيعيّة تجعله غير صالح للشرب”، حسب الناصر الماجري رئيس مصلحة حفظ الصحّة بالقيروان.
ويضيف أنه يخرج من منبعه وله طعم ولون، وعندما يصل إلى الخزّانات تصبح له رائحة كريهة. وقدّ تمّ غلق» الصنداج» ورغم أن المواطنين يتكبّدون معاناة في الحصول على الماء من موارد أخرى، فإنّهم سُرّوا لعدم تعرّضهم للأذى”. ولكن تواصل عطشهم.

تهميش
وقال فيصل الثابتي عضو الجمعيّة المائيّة بالحسيان، إنّ طول الشبكة يمتدّ على 87 كلم ويسقي عديد القرى. مشيرا إلى أن “مشكل تلوّث المياه بدأ منذ سنة 2009 عندما تمّ تعميق البئر، فأصبح ماؤه متغيّر اللّون.
لا تخلو المياه الّتي يعلن عن صلوحيّتها للشرب في القيروان، من مضاعفات، سواء الترسبات الجيريّة (الكلس) أو ارتفاع نسبة الملوحة مثل ما يحصل معتمديّة نصر الله.
فقد تمّت معاينة الماء الصالح للشرب بالمجمع المائي بـ”الحوفية” من معتمديّة حفوز، فتبين غياب مضخات الجافال المعقم الذي يستعمل لتطهير الماء من الجراثيم، وعدم صيانة وتنظيف شبكات وخزانات المياه والانقطاع المتكرر للمياه، ودعا المراقبون إلى معالجة الاخلالات.
أين الصيانة
وتخصّص مصلحة حفظ الصحّة بالقيروان نسبة 75 بالمائة، من جهودها، لمراقبة المياه. وترتكز المراقبة على الشبكات المراقبة، وهي الّتي تتبع “الصوناد” و”الهندسة الرّيفيّة”.
وتمّت سنة 2013 مراقبة 203 خزّانات تابعة للهندسة الرّيفية و178 شبكة، و48 خزّانا و50 شبكة تابعة للصوناد. في حين لا تتم مراقبة الآبار الخاصة والفلاحيّة رغم إقرار السّيّد جرّاي أنها تتسبب في أمراض كثيرة مثل الحمّى.
وأقرّ أن مشاكل التلوّث تحصل بالمجمعات المائيّة التّابعة للهندسة الرّيفيّة والسّبب هو عدم القيام بالصيانة والنظافة للخزانات، مثلما حصل لخزان أولاد العيادي بالشبيكة الذي تمّ إغلاقه بسبب وجود أتربه بداخله.

ماء
وأضاف: “توجد 5 بالمائة تقريبا من الجمعيات المعتنية بنظافة الخزانات”، مشيرا إلى إشكالية تقنية خطيرة وهي اهتراء شبكات المياه مما يستوجب تجديد شبكات المياه مع العلم انه توجد ميزانيات واعتمادات لتجديد الشبكات لكنها لم تنفذ.

كما سجّلت اخلالات ببحيرة الكوكات وهي بحيرة جبلية تزوّد سكان عمادة عين جلولة بمياه الشرب والرّي.
إشكالية تلوّث المياه، ليست حصرا على المناطق الرّيفيّة المهمّشة، وإنّما طالت سكّان المدينة.

إذ كشف فريق المراقبة، وجود مخالفات صحّية بخزانات تابعة للشركة الوطنية لتوزيع المياه بمنطقة الخزّازيّة وخزّان “الظواهر” التّابع لمندوبيّة الفلاحة. وتتمثل في إشكالية النظافة والتعقيم وصيانة الخزانات ووجهوا ملاحظات إلى الجهات المعنيّة من اجل التدخّل للقيام بالإصلاحات لحماية صحّة المواطن.

 

 

 

في القيروان حي المنشيّة، بين التهميش والوعود الانتخابيّة.

كتب ناجح الزغدودي  

في حملتها الانتخابية قدمت عديد الاحزاب وعودها منها وعود بتحويل المباني الشعبية الى عمارات. هذه الاحزاب زارت حي المنشية. وهذا تحقيق.

بعد عقود من النسيان وتخبط سكّانه في التهميش التنموي والثقافي، تحوّل هذا الحي الذي يعدّ أكبر حي شعبي بمحافظة القيروان (وسط)  خلال الانتخابات التشريعيّة إلى مسرح للدعاية الانتخابيّة التي انطلقت في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2014 ومازالت متواصلة الى الانتخابات الرئاسيّة. وبين الحاجة إلى الأصوات الانتخابيّة وما فيه من الوعود وحاجة أبناء الحي إلى حلول لمشاكلهم التنمويّة، تبقى الحلقة المفقودة في طور البحث الى ما بعد الانتخابات.
حيّ المنشية هو من أكبر الأحياء الشعبية بمحافظة القيروان وسط تونس. وهو في شكل عمادة بها عديد الأحياء ويقطنها 50 ألف سكان حسب عمدة المنطقة رضا الخماري. الى جانب نسبة النموّ الديمغرافي العالية ونسبة الشباب العالية، وتقدر ب 40 بالمائة في كامل المحافظة. وفي المقابل فإن بنيته الأساسيّة ضعيفة ونسب الفقر به عالية وتغيب عنه عديد المرافق ويعاني من مشاكل بيئيّة وصحّيّة. وهي نماذج قليلة من حالة التهميش التي يئس أهالي القيروان من التحدّث عنها. 

منشية

يمتد الحي ذو المباني العشوائيّة المتلاصقة على مساحة واسعة متاخمة لمدينة القيروان. توجد بالحي المذكور مدرستان ومركز للرعاية الصحيّة الأساسيّة. لا يوجد به نادي طفولة ولا دار شباب ولا سوق بلدي ولا مركز ثقافي. بل لا توجد به مساحة خضراء بعد اقتلاع مساحة خضراء من قبل مواطنين بدعوى أنها تحوّلت الى وكر للمنحرفين. كما يوصف بأنه أصبح مناخا مشجعا على العنف وتجارة المخدرات وكذلك على تنامي التطرّف الديني من قبل الشبان خصوصا. وقد وقعت مواجهات بين أبناء هذا الحي والشرطة في 28 مارس/آذار 2014.

بعد ثورة 14 جانفي/يناير 2011، نشطت بعض الجمعيّات التنمويّة والخيريّة والثقافيّة بهذا الحي ولكن الأنشطة لم تدم طويلا.

في انتخابات 2011 استفادت بعض الأحزاب من أصوات الناخبين بحي المنشيّة وبالأخص حركة النهضة في ظل التقارب حينها بينها وبين التيّار السّلفي. كما استفادت الأحزاب المنبثقة عن حل حزب التجمع الذي ظل حاكما طيلة 23 سنة ولديه أنصار ومكاتب قاعديّة بحي المنشيّة مثل حزب نداء تونس وحزب الإتحاد الوطني الحرّ. وهما الوحيدان اللّذان عوّضا ما كان يعرف ب”شعب” حزب التجمّع المنحلّ.

منذ بدء التحضيرات لانتخابات 2014، التشريعيّة والرئيسيّة، تحوّلت أنظار الأحزاب المترشحة نحو هذا الحي. ووجهت جميعها اهتمامها بهذا الحي السكني. حيث نشطت في البداية عمليّات استقطاب “قادة الرأي” بهذا الحي والناشطين من الشبّان للعمل على جذب وسطاء يجلبون الأصوات. ولم يكن ذلك مجّانيّا حسب شهادة صوتيّة موثقة من بعض المواطنين.

منسية

مخزون انتخابي

في برنامج تلفزي “لمن يجرؤ فقط” على قناة التونسيّة، وجّه سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر شكره الى الفتاة رحمة الحسّاني أصيلة حي المنشيّة التي جمعت 4200 تزكية لرئيس الحزب الرياحي. وهي رئيسة المكتب المحلّي لحزب الاتحاد الوطني الحر. وصرّحت انّه كان بمقدورها جمع تزكيات أكبر لو لم تكن الفترة قصيرة. وتقول رحمة إن لحزبها شعبيّة محترمة بهذا الحي الشعبي. علما وأن الحزب أسس في 2011.

زار سليم الرّياحي حي المنشيّة وسط حراسة مشدّدة من قبل حرسه الشخصي وبمساعدة شبّان من ابناء الحي. وقد وعد أبناء الحي بتحويل المباني العشوائيّة والتي في حاجة الى صيانة ومساعدة، بتغييرها بعمارات. وقدّم وعودا كثيرة.

حرص نداء تونس على التغلغل في الحي الشعبي، نجم عنه صراعا بينه وبين الاتحاد الوطني الحر. وبدأ الصراع من خلال استقطاب ثنائي لقيادات المجموعات ولرؤساء المكاتب. وقد تحوّل حي المنشيّة الى ميدان تنافس وصل الى حدّ الخصومات حول استقطاب الشخصيّات البارزة. وفق شهادة المواطن نور الدين كريم وهو موظف شاب من أبناء الحي.

حيث تمكن حزب نداء تونس من جذب أشخاص كانوا قد التحقوا بالاتحاد الوطني الحر بينهم عضو مكتب محلّي، فتح له نداء تونس مكتبا وهو مقاول بناء ويدعى الحبيب الحاجي (50 سنة). كما تمكن حزب الاتحاد الوطني الحرّ من جذب عدد من الشبّان التابعين لقائد مجموعة بحي المنشية وهو تاجر خردة مما تسبب في توتر بين الحزبين. 

وصرّح الحبيب الحاجّي أنّه كُلف بالإشراف على مكتب الاتحاد الوطني الحرّ ثم انسحب منه. وروى أنّ مبرّر انسحابه هو “الوعود التي قدمها سليم الرّياحي رئيس الحزب لسكّان حي المنشيّة. وهو رجل أعمال شاب كان في ليبيا ثم عاد إلى تونس بعد الثورة وكشف عن ثروة ضخمة وأسس حزبا لم يفز في انتخابات المجلس التأسيسي سوى بمقعد واحد من محافظة سليانة شمال غرب تونس.

وأضاف الحاجي، منسّق مكتب نداء تونس بحي المنشيّة الّذي قال انه يدفع معلوم كرائه من ماله الخاص، إنّ يرى في حزب نداء تونس مستقبلا أفضل له ولحي المنشيّة الذي يطالب سكّانه بالتنمية وتوفير لمرافق الأسياسيّة. كما تحدّث الحاجي عن انتشار تجارة المخدرات والخمور وتفشي البطالة والفقر. وقال انه يوجد بهذا الحي 15 ألف عاطل عن العمل ممن لديهم شهائد عليا.

lمنسي

اغراءات ووعود

 أستعملت في استقطاب الأصوات، وسائل الترغيب والإغراء المادي والوعود حسب رضوان الفطانسي رئيس فرع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة. وأضاف إنّ الوعود التي يقدمها المترشحون هي وعود انتخابيّة. ويشرف الفطناسي على مشروع “نطالبك ونحاسبك” مخصص لمتابعة الوعود الانتخابيّة ومساءلة المترشحين الذين قدّموا وعودا وخصوصا الأحزاب السياسيّة.

لم يكن سليم الرياحي، رجل الأعمال هو فقط من زار حي المنشيّة لأوّل مرّة. فقد حذا حذوه الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة، حمّة الهمامي. وقدم في موكب ضخم من المرافقين والحرس الرئاسيّ وزار عديد المنازل التي تعاني من ظروف اجتماعية صعبة. وكانت زيارة الهمّامي هي الأولى والتقطت له صورا وهو يستمع الى بعض الحالات الانسانيّة الصعبة بالحي.

يراوح التنافس بين الهدوء والصخب نتيجة الخصومات. وفي خضم ذلك تحاول حركة النهضة الانتشار عبر أنصارها لكن بشكل هادئ. وقد سبق لبعض الجمعيّات المقرّبة منها العمل داخل الحي. مثل جمعيّة تكافل للإغاثة والتنمية التي تترأسها آمال صوّة المرشحة رقم 4 في قائمة حركة النهضة. وقد يكون ذلك سبب توقف نشاط في هذا الحي وغيره.

نزار خليف ناشط مدني بجمعية أطفال و شباب للتنشيط والمواطنة الفاعلة والثقافة الرقمية، قدّم أنشطة بحي المنشيّة. ويرى أن ما يفعله المترشحون للانتخابات من خلال زيارات حي المنشيّة هو “تقديم وعود من اجل الفوز بأصوات الناخبين”.

نهج بحي المنشية

 لكنّه أشار الى أن بعض المترشحين تم طردهم فيما دفع آخر المال ليتمكّن من الخروج بأمان. موضّحا أنه يتم استغلال حاجة المواطنين بحي المنشية وظروفهم الاجتماعيّة للحصول على اصواتهم مقابل الوعود. ودعا الى ضرورة تحسين الوعي  لدى المواطنين محمّلا المجتمع المدني والإعلام مسؤوليّة ذلك.

 قد اعلنت نتائج الانتخبات وفازت الاحزاب التي وعدت المواطنين. فهل ستفي بوعودها ام انها ستظل هباء منثورا وسط الحم المتناثر هنا وهناك.

* مقال نشر في وكالة الاناضول وفي مواقع عربية

الرابط

http://www.raialyoum.com/?p=169708

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النقاب، اللّباس الذي نسجته الثورة…يثير الجدل  

كتب ناجح الزغدودي- مدونات عربيّة

تحوّل الحديث عن “اللّباس الشرعي” للمرأة، والنقاب بين السند الشرعي ومقتضيات الواقع وما فرضته الاحداث الارهابيّة، بعد الثورة، من الخطب التلفزية عبر الفضائيّات إلى شيء واقعي وأصبحت شأنًا إجتماعيّا وتجاريّا وأيضا من تفاصيل الحريات الشخصيّة رغم الجدل الحاصل حول النقاب والانحراف في استعمالاتها ومنها حادثة القبض على مفتش عنه متخفي في “نقاب” نسائي.

بموجب المنشور 108 الذي صدر في 1981 في أواخر حكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة والى ما قبل 14 جانفي 2011، يمنع وضع النقاب ولبس الحجاب في المؤسسّات العمومية والتربوية والجامعية. بل إنّه يمنع وضع الدبوس (المسّاك). يسمح فقط  ب”التقريطة التونسيّة”. بموجب المنشور تم إيقاف عديد النساء طالبات وموظفات وربات بيوت ونقلن إلى مراكز الأمن. التزمن تحت الضغط والتهديد بعدم ممارسة هذه “الحرية الشخصية” التي يضمنها دستور 59 ويقيدها. بيع هذه الملابس في محلات عمومية بشكل علني كان ممنوعا. ليس هناك أي قانون يمنع ذلك لكن حصلت رقابة سياسية وبوليسيّة مخالفة للدستور.

نقاب

يتلقى التجار الذين يجلبون البضائع عبر القطر اللّيبي أوامر بعد م جلب أنواع من أغطية الرأس خاصة بالنساء تسمّى بالحجاب. وتحجز البضاعة. لكن ظلت تباع سرّا تارة وعن مضض من الرّقابة تارة أخرى.

جاء في تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية، أنه مع الإقبال المتزايد على الحجاب بعد الثورة، ازدهرت تجارته، ووجد فيه التجار ومصممو الأزياء فرصة لإنعاش تجارتهم. وبات الحجاب والجلابيب من بين الملابس النسائية الأكثر مبيعًا في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية الراقية.

في القيروان، لم تعد هناك مضايقات أو قلق بشأن ارتداء الحجاب أو النقاب بعد الثورة. تجارة هذه الملابس وغيرها من توابع التدين، لم تعد ممنوعة. محلاّت تبيع النقاب وتبرزه في واجهاتها بكلّ الألوان والتصاميم. سيدات يصنعن “اللّباس الشرعي” ويبعنه. مشاريع نسائيّة وموارد رزق للعائلات. ولا حاجة لهذا المجال بترخيص.

وأصبح الأهم هو الحديث عن الأذواق والجماليّة وإختيار للألوان. وعن الجودة و”الموضة”. والتنافس بين اللباس التقليدي وآخر وافد.

في القيروان هناك تقاليد لباس “الحايك” والسفساري. تراجعت هذه التقاليد بشكل ملحوظ وبرز في المقابل “الحجاب الوافد”. وسط أسواق المدينة العتيقة التي تعرف نساؤها بلباس الحايك التقليدي، الابيض خصوصا.

في الأحياء التجاريّة، قرب محلات بيع الملابس العصريّة الجاهزة، وأمام الجوامع يوم الجمعة. محلات ال”لباس شرعي” للنساء تنافس محلات بيع الملابس الجاهزة. لا توجد دمى مكسوّة. تعلّق الملابس تعليقا. وللرّجال نصيب في هذه المحلات من القبعات والعطور والزيوت العطرية ومنتوجات الطب البديل للنحافة والسّمنة والقدرة الجنسية والتجميل.

بعد تخرّجها من كلية الحقوق سنة 2010، لم تحصل على وظيفة. “القطاع العمومي يتطلب الانتظار والقطاع الخاص محدود”. تتزوّج بعد التخرّج. تلزم بيت أسرتها. يأتي موعد 14 جانفي. يأتي حل البطالة. فتح محلّ لبيع “الملابس الشرعية. “ريحان الجنة” اسم المحلّ صاحبته التي زارها “جدل” اختارت أن يكون “ريحان” إسمها المستعار. رفضت التسجيل الصوتي والفيديو. قبلت الحوار. برفقتها ابنتا شقيقتها التي فتحت محلاّ ل”الانترنيت” مجاورا لها.

يعرض المحلّ عيّنات من “اللّباس الشّرعي”. هنا يوجد “الجلباب”. أغطية الرأس والوجه (النّقاب) والقفازات. أغطية الرأس وبعض الملابس المستوردة الخاصة بالرجال.النقاب

بعض الملابس تأتي جاهزة من الخارج. من الخليج أو من الجزائر. تتعامل التّاجرة مع حرفيّات خياطة يلبّين طلبات حريفاتها. القياس في الغالب يكون موحّد القياس. بعض الحريفات يطلبن مقاسات وألوان مخصوصة فتلبى طلباتهن.

لم يكن بإمكانها أن تفكّر في فتح محل لبيع مثل هذه الملابس قبل الثورة. تعرّضت إلى مضايقات بسبب غطاء رأسها أيّام دراستها الجامعيّة. قائلة: “لم أفكر قبل الثورة في هذه التجارة. بسبب الضغوطات السياسيّة. لم تكن هذه الملابس تدخل إلى تونس فمعظمها مورّدة.

الوضع الحالي والحراك الاجتماعي والديني دفعاها إلى اقتحام هذا النشاط التجاري. وضعت جانبا شهادتها الجامعية. وتحوّلت من العلوم القانونية إلى عالم التجارة. يشهد مجال بيع “اللباس الشرعي” منافسة وصعوبات ومتاعب.

يساعدها زوجها في جلب البضاعة من مدن مجاورة. اشتغلت “ريحان” في محلّ مماثل في مدينة سوسة. وتعتبر رواج هذه البضاعة هناك أفضل من القيروان. “الإقبال في القيروان أقلّ وخصوصا في الصّيف”. ذلك أن حرارة الطقس تدفع المنقبات إلى التقليل من التحرّك في الخارج”. كما تؤثّر الحركيّة العامة في البلاد في هذه التّجارة. في شهر رمضان تزدهر بشكل أفضل وأيضا خلال الحركية الجامعية.

الرّبح يرتبط بالمواسم. حسب حجم رأسمال وكذلك حسب موقع المحل. يقع محلّها قرب جامع عقبة. خصّصت ألفي دينار لمشروعها. يشاركها زوجها في عملها. يجلب البضاعة من سوسة. يتنقا بين المزوّدين. “اللّباس الشرعي” له شروطه الدينية. كذلك شروط الجودة والجماليّة حسب قول “ريحان”. “البحث عن خيّاطة جيدة” هو أهمّ ما يشغل بالها. الجودة هنا ترتبط بالسعر. نوعية القماش. سعر الخياطة. هامش الرّبح.

الاقناع والثقافة

هناك ضوابط تحكم تجارة هذا النّوع من الملابس. تسمّيها ريحان “وسائل إقناع”.  تناسق الألوان. جودة القماش. جودة الخياطة. السّعر. هي بعض العناصر.

 تتفاوت الأسعار هنا حسب الجودة. “النقاب الخليجي بين 18 و20 دينار. النّقاب التونسي والجزائري بين 12 و15 دينار. هنا عنصر الجودة ومتانة القماش هي التي تحدّد السعر. قائلة: “النقاب الخليجي مرتفع الثمن”. هنا يدخل عنصر آخر لموضوعنا يتعلّق باللّباس. هناك “السفساري والحايك القيرواني”. تصنّف ضمن اللّباس الشرعي” وهي في نفس الوقت تقليدية.

توافق “ريحان” أنّ الحايك القيرواني هو لباس شرعي. وتضيف أنّ هناك “موضة صنع النقاب من قماش الحايك”. ملابس خليجية او شرقية أحيانا صينية. تؤثر في رواج المنتوج المحلي. وتعتبر “اللباس التقليدي باهض الثمن ولهذا السبب تراجع شراؤه”. منذ سنوات وليس بعد الثورة. ولا تمانع “ريحان” لكونها محجبة في ارتداء أي نوع من الملابس “شريطة ن يكون شرعيّا” ولا تعتبر أنّ هناك مشكلا في “بيع ولبس موروث أي دولة المهمّ أن تتوفّر فيه الشّروط”.

“ليس هناك حديث عن الموضة”. الأولويّة ل”الشرعيّة”. سواء النقاب أو الجلباب لم يعد اللّون الأسود سلطان الألوان. “المليحة” لم تعد تلبس فقط اللّون الأسود. ليس الأصفر والأحمر والأخضر. “هناك إقبال على الألوان المتناسقة”. الهادئة. الأبيض. البني. الأسود. الرمادي. البنفسجي. الخمري. هي الألوان المعروضة. وتقول إنّ حريفاتها يحرصن على الجودة وعلى تناسق الألوان. وعبّرت عن عدم رضاها إزاء الوصف المتداول في نعت المنقّبات وإزدرائهن، بعبارات “الخيمة المتنقلة” و”المجهولات” و”الغربان”. واعتبرته مسّا من الحرّية الشخصيّة للمرأة وومن حريّة المعتقد.

أدوية وأعلام

تبيع “ريحان” الى جانب الملابس الوافدة. الزّيوت العطرية وبعض أنواع الأدوية الموازية أو البديلة وهي مستوردة. وتقول “إنها أدوية خفيفة” ولا تعطى بناء على وصفة الطبيب. دواء للنحافة والسمنة. وأخرى للشعر وأخرى لعلاج الروماتيزم…والضعف…

 

خلف مصطبة المحل عُلّق علم يحمل عبارة “لا اله إلاّ الله محمد رسول الله”. خطّ كوفي أسود مرسوم على خلفيّة بيضاء تتوسّطه دائرة تُعرّف ب”خاتم النبوّة”. دائرة سوداء وخط أبيض. القماش ملمسه حريري. حاشيته مطرزة بخيوط ذهبية اللّون. شكّل ما يشبه الإطار الموضوع على الجدار. يختلف عن العلن الذي يحمل نفس. لكن لا توجد بها الدائرة السوداء. والذي يرفعه حزب التّحرير عادة.

“لا دخل لي في أي توجه ديني أو سياسي” تقول ريحان عندما سألناها عن دوافع تعليق العلم المطرّز. “صدقني لا أفهم الفرق بينها أنتم الصحفيّون تهتمّون بالتفاصيل “. ثم تقول هو ليس للبيع.

تأمل “ريحان” في نجاح مشروعها الّذي ولد مع الثّورة حسب قولها. كانت مبتسمة دائمة. لم تمانع في التقاط صورة لمحلها لكنها خيرت أن لا تظهر في الصّورة.