المياه مقطوعة في مدراس الريف القيرواني

 * ناجح الزغدودي
المياه مقطوعة في مدراس الريف القيرواني
تفتقد مدارس الريف القيرواني إلى الماء الصالح للشرب، مما يضطر التلاميذ إلى استعمال مياه الصهاريج الملوثة.
مع انطلاق فترة الراحة الصّباحيّة عند الساعة العاشرة يتجمهر تلاميذ مدرسة السوالمية بمنطقة بوحجلة من محافظة القيروان (جنوب) وسط الساحة لتناول قطع الخبز وتقاسم قوارير ماء جلبوها معهم.

ورغم اعتياد المعلمين على رؤية تلاميذهم وهم يتجاذبون قارورة ماء واحدة يتناقلونها بين شفاههم الرقيقة الظمئة في درجة حرارة تقارب الاربعين إلا أنه مشهد يثير القلق والمخاوف من تناقل الأمراض المعدية.

وتفتقر مدرسة السوالمية كغيرها من المدراس النائية في البلاد إلى ماء صالح للشرب. فالحنفيات التي وضعت قبل عقدين من الزمن على الأقل لم يسر فيها الماء وظلت مجرد ديكور عقيم.

ومع أنّ الدولة أنفقت نحو 8 آلاف دولار لتجديد الأنابيب إلا أن الماء لم يسري فيها وما تزال تعاني من الجفاف حتى بقي المكان الوحيد الذي يحوي الماء صهريج أزرق وضع تحت شجرة زيتون تتوسط المدرسة.

تجد آية السالمي (10 سنوات) تلميذة في الثالثة ابتدائي صعوبة كبيرة في الدراسة، فغياب الماء الصالح للشرب يزيد من تعكير حالتها الصحية بسبب معاناتها من مرض الكلى.

_DSC0106

تقول آية إنّ مرضها يتطلب منها شرب الماء المعدني باستمرار خشية تحوّله إلى فشل كلوي يصعب علاجه. لكن ظروف والديها الصعبة لا تسمح بذلك، فتشرب ماء الصهريج الذي لا تعلم مصدره.

تبدو آية نحيفة قصيرة القامة كأنها تشكو من تأخّر في النموّ. ويقول معلمها إنها خير دليل على خطورة المضاعفات الصحّية الناجمة عن فقدان الماء الصالح للشرب في تلك المنطقة بسبب ارتفاع درجة الملوحة وتلوثه.

ورغم ما يبدو عليها من نشاط يقول معلمها بأنها تعاني من مشاكل في الدراسة جعلتها ترسب في السنة الدراسية الماضية، مرجعا فشلها إلى تدهور ظروفها الاجتماعية والصحية إضافة إلى تدهور الوضع المدرسي.

وتشير دراسة أعدها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى ارتفاع عدد المنقطعين عن التعليم من 100 ألف تلميذ سنة 2010 الى 112 ألف تلميذ سنة 2012 بسبب تدهور الوضع الاجتماعي والمدرسي.

ودق مدرسون بمحافظة القيروان ناقوس الخطر من تصاعد الانقطاع المبكر عن التعليم وظهور أمراض خطيرة لدى التلاميذ بسبب تدهور الوضع الصحي بالمدارس لا سيما بسبب انعدام الماء الصالح للشرب.

ويعبّر المدرس عمر السالمي بمدرسة السوالمية بشيء من الانفعال في حديث لـ”مراسلون” عن استيائه مما اعتبره تنصلا من قبل المسؤولين رغم تفاقم مخاطر تردي الوضع في المدرسة على التلاميذ والمدرسين.

ويقول “الماء الصلاح للشرب من المرافق الأساسيّة التي لا يمكن النقاش بشأنها “.

ولم يقتصر تذمره عن هذا الحد فقد أعرب عن امتعاضه من تدهور البنية الأساسية بأكملها في المدرسة. ويضيف “لقد جاء مسؤولون مرارا إلى المدرسة ودوّنوا ملاحظاتهم. كان من ضمنهم معتمد منطقة بوحجلة الذي تذوق الماء العكر الذي تجلبه صهاريج مجرورة للمدرسة وأقرّ بأنه مالح لكن رغم ذلك بقيت دار لقمان على حالها”.

ورغم استمرار الأوضاع يواجه المدرسون والتلاميذ معاناة شاقة بصبر كبير ربما يعود  لتعودهم على غياب الماء الصالح للشرب في منازلهم أيضاً. لكن هناك من هرب من جحيم تلك المعاناة بحثا عن مكان يطيب فيه العيش.

يروي أحد المعلمين أن مدرّسة قدمت مؤخرا من جهة مجاورة لمنطقة بوحجلة للتدريس بمدرسة السوالمية لكنها عادت أدراجها في نفس سيارة الأجرة التي أقلتها عندما علمت بغياب الماء الصالح الشرب وغياب الماء في المراحيض.

وتقول مندوبيّة التربية الحكومية بمحافظة القيروان إن هناك 167 مدرسة تفتقر للماء بشكل كامل بالقيروان، بينما ترفع المنظمات الحقوقية والاجتماعيّة الرقم إلى حدود 178 مدرسة رغم أن هناك جهات تقلل بكثير من ذلك.

وبمعتمديّة بوحجلة التي يقدّر سكّانها بـ120 ألف ساكن، وهو تقريبا خمس سكان ولاية القيروان، تعاني 20 مدرسة ابتدائية من جملة 42 مدرسة من مشكل في ماء الشرب وفق ما صرح به معتمد بوحجلة أحمد الجلالي.

وتعود مشاكل تزويد المدارس الرّيفيّة بمياه الشرب كونها تتم عن طريق ما يعرف بالهندسة الرّيفيّة والتي تشرف عليها مندوبيّة الفلاحة. وتوكل مهام التّسيير إلى “المجمّعات المائيّة”، وهو هيكل محلّي غير رسمي يحلّ محلّ شركة استغلال وتوزيع المياه الحكومية.

ويتحمّل كل مجمع مائي مسؤوليّة الإشراف على شبكة تزويد مناطق سكنيّة وما فيها من مؤسسات تربويّة بماء الشرب أو مناطق سقويّة فلاحيّة بمياه الرّي.

وترتبط المدارس الابتدائيّة بهذه المجمعات المائيّة وتساهم في دفع معاليم استهلاكها للجمعيّة التي تتولى عمليّة الإشراف المالي من خلال استخلاص معاليم اشتراك المواطنين ثم خلاص فاتورة استهلاك الكهرباء للمجمع. وتقدر قيمة المتر المكعب الواحد بين نصف دينار ودينار ونصف للمتر المكعّب ( 1دينار يساوي حوالي نصف دولار).

وتواجه الجمعيات المائيّة التي قدر عددها بالعشرات في القيروان وعدد حرفائها بالآلاف، خطر عدم خلاص المواطنين لفواتير الاستهلاك وهو ما يتسبب لها في عدم القدرة على تسديد مستحقاتها لشركة الكهرباء الحكومية. وفي تلك الحالة يقع قطع الكهرباء عنها وهو ما يتسبب بالتالي في انقطاع مياه الشرب عن السكان والمدارس والمساجد.

ويطالب المواطنون في القيروان بأن تتولى الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه دورها في تزويد جميع المناطق بالماء. ولكن هناك اعتبارات تتعلق بالتضاريس والتكلفة المالية تعيق تدخل الشركة الحكومية لإنجاز المشاريع.

ناجح الزغدودي الشروق

المقال نشر بموقع مراسلون http://www.correspondents.org/ar/node/6359 وفاز في مسابقة الصحافة البيئية.

الراعي الذي قتلته الذئاب وأخبرت عنه كلابه…في وادي النسيان

* ناجح الزغدودي

تشريح
انتهت عند الساعة التاسعة ليلا من مساء السب 14 نوفمبر عملية تشريع جثة الراعي الشهيد مبروك السلطاني بعد حوالي 3 ساعات من وصولها الى قسم التشريح الطبي لتشريحها. وأكد محمد السلطاني شقيق الشهيد الذي رافق جثة شقيقه ان اسرته قررت قبول طلب الجهات الامنية بتشريح الجثة بعد رفضها في بادئ الامر تشريحها بسبب الغضب والاستياء من عدم تدخل الجهات الامنية والجيش الوطني حسب قوله. وبرر قبوله بأنه تم تحذيرهم من تحمل المسؤوليات القانونية في صورة عدم تشريحها. وقد رافقت سيارة الاسعاف دورية أمية للحرس الوطني بين سيدي بوزيد والقيروان.

 

وأفاد شقيق الشهيد ان شقيقه تم تخديره من قبل الارهابيين قبل قتل وفصل رأسه عن جسده. كما افاد انه تم العثور على جسم شقيقه في نفس المكان الذي قتل فيه وقد كانت الكلاب بالقرب منه واكد انه خافوا من الاقتراب منها في البداية ثم قرروا جلب جسده.

 

في القيروان: الزيتون يموت واقفا بعد قرون الصمود

مدونة تكروان/اربل بلوغ عربية/ كتب ناجح الزغدودي
تحتل معتمدية نصر الله بولاية القيروان مرتبة متقدمة في انتاج زيتون الزيت ومن حيث عدد الأصول وغابة الزياتين المنتجة. حيث يوجد بالجهة 776 ألف شجرة زيتون لكن منها فقط 93 ألف عود زيتون منتجة منها 26 ألف مطري و67 آلف مروي وتقدر الصّابة هذا العام بجهة نصر الله ب6300 طن منها فقط 550 طن متأتية من المساحات البعلية.
يعود ضعف الانتاج هذا الموسم الى ضعف منسوب الأمطار الذي اثر بدوره على الانتاج الجهوي بجهة القيروان.
قدرت مندوبية التنمية الفلاحية بالقيروان صابة الزيتون للموسم الحالي ب 50 ألف طن وهو ما يعادل 10.5 ألف طن من زيت الزيتون. وهو ما يعني تسجيل تراجع ب67 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط الذي بلغت فيه الصابة 152 ألف طن من الزيتون.
من مظاهر هذا التراجع في انتاج زيتون الزيت ما تعرضت له غابات الزيتون ب”حدائق نصرالله” التي تمسح حوالي 200 هكتار ويوجد بها 10 آلاف شجرة زيتون. وكان يفترض أن تساهم في الانتاج ولو بنسبة قليلة لكن هذا الموسم لم تثمر الاشجار ولو كميات قليل رغم كونها مدمجة ضمن المساحات المروية. وذلك بسبب مشاكل الري وانقطاع مياه العين التي كانت جارية منحدرة من جبل الشراحيل.
من ينقذ غابة الزياتين

جفت غابة الزياتين بسبب غياب الماء واصفرت الأوراق وتهاوت الاجذاع وتم قطع الاشجار الميتة وتحويلها الى فحم واخشاب. وقد أكد عدد من الفلاحين  أن هذه الحالة بدأت تدريجيا منذ سنة 2008 منذ توقفت العين عن التدفق. وكان من المنتظر التدخل من قبل السلط الجهوية ومندوبية الفلاحة لإيجاد حلول عبر حفر بئر عميقة لري غابة الزيتون لكن تعطل المشروع الذي انطلق منذ سنة 2012.
وقال مكرم المرزوقي (فلاح شاب) انه يشعر بالحزب وهو يرى غابة الزيتون ومنها الزيتون الروماني وزيتون غرسه الاجداد وهو يموت. واشار الى أن الزياتين كانت غزيرة الانتاج بشكل قياسي منها شجرة زيتون كانت تنتج حوالي طن من الزيتون لكنها ماتت وذوت. واكد ان غابة الزيتون كان بامكانها تقديم ما قيمته 3 مليون دينار علاوة على توفير مواطن شغل لمئات الشبان في الجني والقص.
زيتونة
مطالب بتوفير الماء
اكد الفلاح يوسف عنان (مسن) ان الزيتون يحتاج الى الماء ليعود الى الحياة وتعود معه حياة مئات الفلاحين بالجهة. وطالب الجهات المعنية بالتدخل العاجل لتزويد غابة الزياتين بالماء وربطها بالمنطقة السقوية. واشار الى ان معتمدية نصر الله توجد بها موارد مائية وسد من اضخم السدود ولكن لا ينتفع بها اهال يالجهة.
كما طالب علي مرزوقي بتوفير الماء من أجل اعادة الروح للحدائق التي كانت منطقة سقوية تزرع بها الخضر وشتى انواع الغلال. مشيرا الى ان المواشي لم تعد تجد العشب للرعي بسبب الجفاف.
مات الزيتون واقفا في نصر الله وسط تعطل مشروع تزويده بمياه الري. وفي الوقت الذي تحتاج فيه الجهة الى تطوير الانتاج وتوفير مواطن الشغل للشبان العاطلين، يتم اهدار طاقة فلاحية وتشغيلية. فمن سيتدخل لانقاذ ما تبقى من الزياتين.

القيروان الساحرة… تاريخ الماضي يشكو مخاطر كثيرة

القيروان ( تونس) ـ من ناجح الزغدودي ـ

قالوا عنها إنها “درة” التراث السياحي في تونس، ورمز حضارته الإسلامية، ووصفوها بـ”ملهمة” الفنانين، لسحرها الخاص الذي تُجسده مساجدها التاريخية وقبابها، وأزقتها الملتوية، إنها المدينة العتيقة، بمحافظة القيروان التونسية، التي تصارع اليوم عدة مخاطر، من أجل الحفاظ على سحرها هذا.

وتتميز المدينة العتيقة بتراثها الإسلامى، ومعالمها التاريخية التى صنفتها “اليونسكو” عام 1988 ضمن التراث العالمي، وفى مقدمتها، جامع عقبة بن نافع (أحد أقدم المساجد شمالي أفريقيا)، ومقام الصحابى أبى زمعة البلوي، بالإضافة إلى العديد من المعالم التى تسطر أمجاد الحضارة العربية الإسلامية، من قبيل فُسقية الأغالبة (سلالة عربية حكمت تونس وشرق الجزائر، وغرب ليبيا في الفترة ما بين 800م و909م)، ومقام سيدي عبيد الفريانى، ومسجد الأبواب الثلاثة، ومقام الإمام سحنون، وبئر روطة.

ويعتبر جامع عقبة، الذي وضع أساسه الفاتح عقبة بن نافع الفهري سنة 50 للهجرة، منارة الإسلام والعلم والقرآن، تجذب أفئدة المسلمين، من كل أرجاء المحافظة (التي تحمل اسم المدينة نفسه)، ومن خارجها.

ويحتوي جامع عقبة بن نافع على ست قباب، منها قبة المحراب التي تعد أقدم قبة في بلاد المغرب الإسلامي، وقبة البهو على مدخل البلاد الأوسط، من جهة الصحن، وقبتان تعلوان مدخل بيت الصلاة في الشرق والغرب، وقبة تعلو المجنبة الغربية للمسجد، وقبة في أعلى المئذنة.

أما مقام الصحابي البلوي، فتقول الروايات إنه يحتضن رفاة هذا الصحابي الشهير باسم حلاق الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، كما تفيد الروايات نفسها أن شعرات للرسول الأكرم دُفنت معه.
ويعتبر المقام من أكثر المعالم الإسلاميّة زيارة بفضل معالم الزخرفة الهندسيّة التي تعود لفترة حكم العائلة الحسينيّة التي حكمت تونس خلال القرن 12 الهجري/القرن 18 الميلادي.

أما بئر روطة، فهو معلم مائي مرتفع، يُصعد إليه عبر مدرج فيه جمل يدير ناعورة (ساقية)، تُشد إليها أوانٍ خزفيّة تخرج ماء باردًا للزائرين، تقول الأسطورة “إن من يشرب منها يعود زائراً”.

وعلى الرغم من تلك القيمة الحضارية والمعمارية، تصارع “المدينة العتيقة” مخاطر من أجل الإبقاء على عناصرها المعمارية من مساكن، ومساجد، وحمامات، على مساحة 54 هكتارًا.

مخاطر وتهديدات منها ما هو متصل بتسرّب مياه الصرف الصحي، ومياه شبكة ماء الشرب (العمومية) أسفل المباني، ما جعلها تتهاوى وتتصدع، بحسب تقارير لجمعيات مستقلة مختصة في التراث، كـ”صيانة المدينة”، و”ذاكرة المدينة”، و”عين على التراث”.

أمّا الخطر الثاني فهو إهمال المساكن وهجرها من قبل أصحابها، وتغيير البعض الآخر لشكلها وهندستها المعماريّة من الداخل والخارج حتى تكاد بعض الأحياء تبدو كمدينة الأشباح بسبب خلوها من السكان وحالة الخراب.

وتمثل مشاهد المنازل المهجورة، والمباني الآيلة للسقوط، والأشغال غير المنتظمة هنا وهناك، الوجه الآخر للمدينة العتيقة، فهنا منازل ابتلعتها الأرض الرخوة، وأخرى ينهار سقفها، وغيرها أُغلقت أبوابها وكتب على واجهتها التي كستها الرطوبة عبارة “للبيع″.

وقد خصصت الحكومات التونسية، مشروع تهيئة للمدينة العتيقة بقيمة 5.5 مليون دينار (2.8 مليون دولار)، لتجديد البلاط، وتزيين واجهات المحلات والمساكن، في حين واصل المعهد الوطني للتراث (حكومي) دوره المعتاد في تنفيذ أشغال جزئيّة في أكثر من نقطة خاصة سور المدينة، لكنها لم تشمل المساكن.

وينبه مراد الرماح، رئيس جمعية “صيانة المدينة”، إلى خطورة وضع المدينة العتيقة، قائلاً في حديث مع الأناضول إن “النسيج المعماري يتعرض إلى هجمة تفقد قيمته”.

وأضاف أن أكثر من 100 مسكن فقدت صفتها التراثية بعد ثورة 14 يناير/كانون ثان 2011، وتعرضت للنهب، مشيراً إلى وجود “تهديد محدق بالمدينة العتيقة، جراء الهدم، وإعادة البناء بمواد عصرية، دون استشارة خبراء التراث”.

ولفت الرماح الذي شغل سابقاً منصب مدير المعهد الوطني للتراث بالقيروان، إلى أن المدينة العتيقة حصلت على جوائز عديدة، نظراً لمحافظتها على أصالتها، وتقديراً لقيمتها التاريخية.

وشدد الباحث التراثي على ضرورة المحافظة على النسيج المعماري للمدينة، داعياً إلى إعادة بناء المنازل بمواد ملائمة للخصوصية التراثية، وعدم البناء بمواد حديثة.

وحذر من خطورة استمرار مخالفة تلك المميزات مستقبلاً، قائلاً: “بعد 40 سنة سوف لن نجد بهذه المدينة أي منزل تراثي، ولا أي منزل محافظ على أصالته”.

في المقابل، أكد الرماح على إمكانية استثمار معالم المدينة العتيقة في أنشطة اقتصادية وثقافية على غرار تجارب عربية مثل غرناطة، وقرطبة، واشبيلية التي حافظت على طابعها ومواد بنائها، وأصبحت محل استثمار وتنمية مندمجة.

الوضع الخطير الذي تشهده المدينة العتيقة بالقيروان، بحسب وصف الرماح، دفع عدد من النشطاء في المحافظة إلى إطلاق حملة إشعار بالخطر، عبر حملة أسموها “دار الجدود صلحها أو بيعها” ( أصلحها أو بعها) من أجل تنبيه أصحاب المساكن بعدم ترك مساكنهم العتيقة، وصيانتها واستغلالها، بدل تسليمها للخراب.

جهاد صويد، المتفقد الجهوي للتراث بالقيروان (حكومي)، قال للأناضول: “هناك جهود لكي لا تخسر مدينة القيروان موقعها العالمي، حيث يوجد بالمدينة العتيقة ، أكثر من 86 مسجداً، و84 ضريحاً، و55 صباط ( الصباط: قوس مسقوف يربط بين مجموعة من المساكن في خط متوازي)، و62 قوساً، يجعلها ذات رصيد معماري متميز، إلى جانب آلاف المساكن”.

ويتعهد معهد التراث بصيانة المعالم الأثرية العامة مثل الأضرحة والصباطات، والمساجد، والقباب، باستثناء المساكن الخاصة.

وفي هذا الصدد، تحدث عن صويد إشكالية قانونية، وصفها بـ”المعقدة”، قائلاً إن المعهد لا يتدخل في صيانة المنازل الخاصة، لكن يساهم بالنصيحة والخبرة عند الاستشارة.

ونوّه بدور الجمعيات المدنية للتدخل على غرار تجارب سابقة، لإنقاذ المنشآت السكنية في ظل العائق القانوني، والصعوبات اللوجستية، علاوة على المتطلبات المالية الضخمة التي يحتاجها ترميم المساكن والمعالم.

من جهته، قال رئيس بلدية القيروان، لسعد القضامي، للأناضول إن “أشغال تهيئة المدينة تشرف عليها وكالة التهذيب العمراني (حكومية)، بشراكة مع عدة إدارت وجمعيات ذات صلة، وتشمل تجديد شبكة الكهرباء والماء، والصرف الصحي، وتحسين واجهات المنازل”.

ورغم تأكيد القضامي على أن الأشغال ستنتهي بعد شهر أكتوبر/تشرين أوّل المقبل، لفت إلى حاجة المدينة لمشاريع صيانة أخرى تكون أكثر شموليّة.
(نشر في وكالة الأناضول)

وجع المسجد الأقصى يصل الى القيروان…ومسيرة مناصرة

*ريبورتاج مصور: ناجح الزغدودي
انتظمت بمحافظة القيروان يوم السبت 24 أكتوبر/تشرين الاول 2015 مسيرة حاشدة مساندة لانتفاضة الاقصى الفلسطينية نظمتها الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان بحضور ومشاركة هياكله النقابية ومنخرطيه ومكونات المجتمع المدني والسياسي بالقيروان. ورفع خلال المسيرة العلم التونسي والفلسطيني وراية اتحاد الشغل مع شعارات مساندة للقضية الفلسطينية ومنددة بالجرائم الصهيونية.

عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان افاد ان مسيرة المساندة جاءت للتعبير عن الانشغال ازاء القضية الفلسطينية وللتنديد بالجرائم الصهيونية التي خلفت عشرات الشهداء والجرحى. واكد انه حان الوقت لتعود القضية الفلسطينية الى طليعة الاهتمام الوطني والشارع التونسي بعد سنوات من الجمود.

وقد جابت المسيرة جزءا من شوارع مدينة القيروان بشكل سلمي وسط تنوع من المشاركين واختلاف في الشعارات السياسية.

(function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0]; if (d.getElementById(id)) return; js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = “//connect.facebook.net/fr_FR/sdk.js#xfbml=1&version=v2.3”; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));

وفي انتظار تتال يالمسيرات المناصرة للقضية الفلسطينية من قبل المجتمع المدني فان المطلوب اليوم هو تحرك الحكومات لنصرة الاقصى المبارك.

من سجن الايقاف إلى دراسة الماجستير…نهاية تهم الارهاب؟

الناطق الرسمي السابق باسم انصار الشريعة الذي تخلى عن الصفة منذ حظر التنظيم سنة 2013، يؤكد نيله الحكم بالبراءة في جميع التهم الموجهة اليه ويقول انه عاد الى الدراسة لمواصلة التعلم وتحصيل الدكتوراه. ويتحدث عن ظروف الترسيم وينصح الشباب السلفي.

( 33 سنة طالب ماجستير لغة عربية بجامعة القيروان)

تفاصيل اختطاف الراعي نجيب القاسمي وقتله في القصرين

* تحقيق ناجح الزغدودي

في منطقة سيدي حراث الواقعة عند سفح جبل سمامة بولاية القصرين التونسية وهو الجبل الذي يتحصن به مسلحون، وعبر مسلك صعب كانت لتكروان زيارة الى منزل الفقيد نجيب القاسمي الذي تصفه عائلته بالشهيد وهو الراعي الذي اختطفه مسلحون ثم قتلوه لانه كان يراقب تحركاتهم ويدل قوات الامن والجيش على تحركاتهم. 6 مسلحين اختطفوه ثم قتلوه كما قتلوا جنودا حاولوا تحريره.

التقينا عائلة نجيب بعد حوالي ساعة من دفنه وجنازة شارك فيها والي القصرين الذي انتظر وصول الجنازة عند باب المقبرة ولم يكلف نفسه عناء تعزية الاهل في منزلهم لان الطريق كانت وعرة. واكتفى بارسال مساعدة رفضتها العائلة واعتبرتها اهانة.

في ما يلي تفاصيل عن الحادثة وشهادات ورسائل ومطالب. في تغطية صحفية ميدانية

وقد طالب أهالي منطقتي سيدي حراث ومشرق الشمس، من ولاية القصرين السلطات الجهوية والوطنية بإيجاد حل لمتساكني المناطق المتاخمة للجبال المتحصنة بها العناصر الإرهابية، وتوفير الحماية الضرورية لهم.

كما طالبوا أيضا بمساعدة عائلة الشهيد نجيب القاسمي الذي ترك طفلين وزوجة عاطلة عن العمل ودون مسكن.

يذكر أن مجموعة مسلحة كانت قد اختطفت الأحد الماضي الراعي نجيب القاسمي وأعدمته،متهمة إياه بالجوسسة ونقل إخبارها إلى الأمنيين.

 

عمل صحفي ميداني لاستقصاء الحقيقة

عمل صحفي ميداني لاستقصاء الحقيقة

 

يوميات زوجين عاطلين عن العمل…في انتظار الحق الدستوري

آفاق الشغل مسدودة والفرص منعدمة…

* كتب ناجح الزغدودي

على صفحته الخاص بموقع “فيسبوك” انتقد حسان الوضع التنموي والاقتصادي والسياسي بشدة. حاول تغيير حياته وادخال بعض السعادة عليها فقرر الزواج. وقد كان  زواجه من جامعية عاطلة بدورها. وبدأ فصل آخر من المعاناة.

 

حسّان الطالبي (32 سنة)   تخرج سنة 2010 اختصاص لغة عربيّة. أصيل معتمدية بوحجلة من ولاية القيروان، التي تعد ألفي عاطل من ضمن 100 ألف ساكن. تمتع بالعفو العام بسبب ايقافه يوم 10 جانفي في احداث ثورة 17 ديسمبر 2010 ، 14 جانفي 2011، الذي يسمح بالانتداب المباشر، لكنه لم ينل الحق لكونه “غير تابع لأي حزب يدافع عنه” حسب قوله.

رحلة البحث عن الذات

بعد الزواج انشغل حسّان بالبحث عن شغل في القطاع الخاص قائلا “بحثت عن حل لتسيير شؤون حياتي” ورغم عدم حصوله على مرتب جيد مقابل عمله (الحالي) فإنه اعتبر هذه الخطوة تحدّيا للواقع. لكنه بدل الشعور بالرضا والاستقرار اصبح “يشعر باغتراب نفسي بسبب العمل في غير اختصاصه الدراسي الذي كلفه 15 عاما من التعليم”.

اختزال الشغل في الوظيفة العمومية أمرا متعبا بالنسبة لحسان على الصعيد النفسي والبدني بل انه أشار الى كونه وصل حالة انهيار نفسي دفعته الى التفكير في الانتحار وأصبح يخشى على نفسه من “الجنون”.

الزواج بالنسبة لحسان مرحلة جديدة في حياته املا في الاستقرار لكن “المسألة تعقدت أكثر”. بسبب كثرة النفقات من كراء وتنقل وأصبح تفكيره مخصصا للعائلة وفي توفير معلوم الكراء، وشغله ذلك عن الاعتصامات رغم تحريضه عليها عبر صفحته الخاصة على الفيسبوك.

حسان1

صراع

“في ذهني أستاذ ومفكر وإرهابي وصراع داخلي” يقول حسان معبرا عن حالة غضب تجاه الحكومة لا يستبعد ان يترجمها الى ردة فعل وتساءل “أين العدالة الاجتماعية التي نبحث عنها” وتحدث عن وجود خيانة لشعارات الثورة التي تحدثت عن الكرامة والشغل والكرامة من قبل “القيادات السياسيّة”.

واتهم حسان الدولة بمخالفة الدستور وبعدم مراعاتها لظروف المعطلين. فتعامله كمواطن عادي وفي المقابل تدعوه الى الرضا والصبر وهو في حالة غضب.   تعريض الشباب العاطل للاستقطاب.

وقال انه ليست له ولا لزوجته تغطية اجتماعيّة” ولا صحية لانه توجد على بطاقة الهوية مهنة “عامل يومي” وهو خريج الجامعة. واعتبر جملة هذه العوامل “تولد نقمة على الدولة نتيجة الاضطراب النفسي” وتؤدي به الى الهجرة غير الشرعية والمخدرات والسرقة.

 

 

 

 

 

  وزير الداخلية كرم أحد “الارهابيين” في جامع عقبة…والقضاء برأه

 

كتب ناجح الزغدودي

لم ينته الجدل القائم بخصوص  ما اصبح يعرف ب “خلية القيروان” المكونة من 7 أفراد حسب التقارير الأمنية والتي وجهت لها تهم مختلفة منها استهداف سياح اجانب في محيط جامع عقبة. وبالتوازي مع البحث في تهم التعذيب تم تداول معلومات عن اختفائهم ومنهم من قال “تبخروا” ومنهم من قال عادوا اى الجبال.

” تمكنت من مقابلة اثنان من المتهمين من اللذين قبلوا الحديث لوسائل الاعلام في حين خير آخرون التزام الصمت متخذين موقفا من الاعلام ومنهم من لا يزال تحت تأثير التعذيب.

قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 10 أوت الماضي اطلاق سراح ال7 الموقوفين مباشرة اثر جلسة الاستماع. وهو قرار اطلاق سراح ثاني في حق نفس المجموعة التي احيلت يوم 4أوت الماضي على انظار قاضي التحقيق بالمكتب 20 وقرر اطلاق سراحهم قبل ايقافهم من جديد من قبل فرقة القورجيني. وما تزال هناك تداعيات قانونية وحقوقية للقضية التي تحولت الى قضية رأي عام خصصت لها لجنة برلمانية للتحقق من مزاعم التعذيب.

وزير الداخلية يكرم متهما…دون ان يعلم

عاد جميع الموقوفين الى منازلهم حسب محاميهم بشكل سريع خشية ايقافهم ثانية. كان حسان العياشي آخر من غادر تونس نظرا لكونه أصيل منطقة سبيبة من معتمدية القصرين ولم يجد وسيلة نقل للعودة. ووصف حسان بكونه زعيم “خلية القيروان” التي كثرت التصريحات الاعلامية بشأنها.

 حسان، كان قد جاء الى القيروان في اطار الدراسة. حفظ فيها القرآن الكريم بإحدى الجمعيات القرآنية ودرس بمعهد “الامام مالك للعلوم الشرعية” وهو معهد تشرف عليه جمعية الامام مالك التي كان يشرف عليها فيصل الهمادي، المتهم السابق في قضية “خلية القيروان”.

 وزير الداخلية يكرم محسان

حسان كان من بين الحفاظ الذين كرمهم وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي ليلة ال27 من رمضان. وتظهر صورة التكريم الى جانب الغرسلي والي القيروان ونائب البرلمان سهيل العلويني ورئيس البلدية وامام جامع عقبة. وحدث من التقيناهم كيف حاور حسان وزير الداخلية اثر مقابلتهم في مركز الايقاف بالقورجاني وأخبره أنه “كرمه فرد عليه الوزير “كل حاجة في بلاصتها”.

يوم زيارة وزير الداخلية (قبل ايقاف حسان) شهدت القيروان حضورا امنيّا مكثفا. وقد افاد وزير الداخلية يومها في رد عن التواجد الامني المكثف أنه أمر عادي مثل بقية الجهات. لكن في تلك الفترة لم تكن القيروان مثل بقية الجهات. ففي الوقت الذي ذهبت فيه القوات الأمنية التي وفرت الحماية الأمنية لوزير الداخلية وضيوف الجامع، لم تتبق سوى دوريات امنة للأمن السياحي في محيط جامع عقبة تؤمن حراسة جامع عقبة.

في تلك الفترة تم تداول معلومات عن محاولات استهداف جامع عقبة وإمكانية استهداف سياح. وكانت اليقظة على أشدها. من ذلك عندما حاول مواطنان الصعود الى مئذنة جامع عقبة، تم استدعاء الأمن الذي جاء ورافق احد العاملين بالجامع والبحث معه بمنطقة الأمن ثم أطلق سراحه.

كان حسان العياشي، صاحب الجائزة هو منطلق القضية الى جانب شخص آخر من مدنين. وجهت لهما تهمة السفر الى ليبيا بالاستناد الى دردشة على الفيسبوك. ثم تم استدعاء عدد آخر من المتهمين الى حين وصول العدد الى 7 متهمين وأصبح هناك ما يعرف ب”خلية القيروان” التي دارت حولها عديد الروايات.

فيصل الهمادي الذي نفى تعرضه للتعذيب ووجهت له تهمة التحريض على السفر الى سوريا ومبايعة “داعش”. والثاني وسام العرفاوي والذي تحدث عن تعرضه للتعذيب ووجهت له تهم التخطيط لاستهداف سياح اجانب.

كانت مقابلات “المتهمان” منفصلة في منزل كل واحد منهما وهما يعيشان حياة عادية بعد الافراج يحاولان تجاوز الاثر النفسي لما عاشاه طيلة اسبوعين. يقطن فيصل بمنطقة الباطن ويقطن وسام بمعتمدية السبيخة.

فيصل الهمادي، تحصل على الباكالوريا درس بالسنة الاولى رياضيات تطبيقية ثم اتجه الى السعودية ودرس الشريعة وحصل على الاستاذية ثم الماجستير بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف. عاد الى تونس بعد الثورة وكان اماما خطيبا بجامع الفتح بمدينة القيروان الى حين تعرضه الى عملية جراحية منعته من صعود المنبر واصدار قرار بالغاء صلاة الجمعة من الجامع. وهو رئيس سابق لمعهد الامام مالك للعلوم الشرعية وقال أنه لم يعد رئيسها منذ فترة.

طلبة المعهد والمدير…متهمون

الهمادي (أب ل3 أطفال) قال انه عاطل عن العمل ينتظر شغلا في اختصاصه وقد قام بمعادلة للماجتسير لدى وزارة التعليم العالي لشهادة الماجستير التي تحصل عليها في السعودية الى جانب اجازات اخرى وشهادة في حفظ القرآن الكريم. وقد اوراقه من اجل تعيينه اماما خطيبا بأحد المساجد. وقد سبق له امامة الناس بعد “استشارة الواعظ الديني الذي قبل مني الاوراق الى حين تعييني اماما على المسجد”.

وقال الهمادي ان فرقة مكافحة الارهاب يوم ايقافه (30 جويلية) حضرت الى منزله طلبت منه مرافقتها في هدوء ولم يتم تفتيش منزله (قال ان احد الاعوان قبل ابنه). وصرح انه لم يعلم بالتهمة الموجهة له الا عند انطلاق البحث. وقال انه تم بحثه بخصوص تهمة التحريض على الذهاب الى سوريا. وقال الهمادي “ان التهمة باطلة وعارية عن الادلة والبراهين وهي لا يمكن ان تصدر من مسلم عاقل يريد الامن له ولبلده فضلا عن ان تصدر من طالب علم حصل على شهادات اراد ان ينفع بها بلده. وقال ان من حضر الخطب يشهد بالتزامي بما جاء في الكتاب والسنة والالتزام بما جاء في مذهب الامام مالك السني”.

وقد جيء ببعض الشباب الذين درسوا في المعهد وذهبوا الى شؤونهم الخاصة منذ سنوات” وبحكم اني كنت مشرفا على المدرسة جاؤوا بهؤلاء الشباب  في نفس المجموعة قال شهد على تهمة التحريض لكن الهمادي انكرها. وافاد ان الشاهد تراجع امام قاضي التحقيق لأنه اعترف تحت التعذيب. مؤكدا أنه سبق له تقديم قائمة في الطلبة الى منطقة الأمن بالقيروان قبل ايام من ايقافه. وأوضح أنه حصلت مكافحة بينه وبين بقية المتهمين. وقال ان خطبه ودروسه مسجلة

استهداف السياح…الحكم الشرعي

لم يتعرض الهمادي الى التعذيب وقال انه تعرض له فقط “الضغط والعنف المادي” والتهديد في صورة عدم التوقيع على المحضر. وكذلك عدم تمكينه من الاطلاع على محضر البحث. وقال بأنه تفاجئ أمام قاضي التحقيق (مكتب 20) بأنه امضى على 7 أوراق قال انه لم يقرأها منها تهم مبايعة داعش مؤكدا انه نفى هذه التهم امام قاضي التحقيق في مناسبتين وتم الافراج عنه.

وأفاد الهمادي ان وزير الداخلية زارهم في مركز الايقاف وعاين الصحة الجسدية للموقوفين مساء الثلاثاء (4 أوت)  اثر اعادة ايقافهم قبل الندوة الصحفية التي عقدها. وتحدث معهم فردا فردا وذكر انه اثر خروجهم من المحكمة تم اعادة ايقافهم وتم اخبارهم بانهم سيغادرون بمجرد التوقيع على بعض الاوراق. وقال الهمادي ان فترة الايقاف الثانية لم يتم فيها التحقيق معهم في اي تهم وانما تم فقط امرهم بالإمضاء ولم يتم تعذيب أي أحد وتحدث عن اختفاء اعوان كانوا يحققوا معهم. وقد طلب منهم فقط التوقيع على الأوراق وقد رفض بعضهم رغم التهديد وقال ان قاضي لتحقيق طلب منهم عدم الامضاء على اي وثيقة.

وقد حكم قاضي التحقيق الثاني باطلاق سراح جميع الموقوفين في قضية “خلية القيروان”. وقال الهمادي انه اثناء تواجده بالقرجاني لم يسمع بتهمة “التخطيط لاستهداف سياح” وقال ان استهداف السياح محرم شرعا “ولا يجوز لنا البتة نقض العهود” معتبرا السياح من منظور شرعي هم “معاهدون لا يليق ايذاءهم” والحرص على دعوتهم لزيارة البلاد ومعرفة الاسلام.

وتحدث عن حضور وزير الداخلية (بعد انتصاف الليلة التي اختطفوا فيها) واخبره بدوره انه لم يعذب في حين عاين اثار التعذيب لدى اجساد موقوفين آخرين الى جانب حضور اعضاء اللجنة البرلمانية قبل احالتهم الى الطبيب الشرعي بمستشفى شارلنيكول. وتحدث عن عدة حالات من التعذيب الذي تعرض لها بعض الموقوفين.

وسام العرفاوي تم ايقافه يوم 29 جويلية. درس وسام علوم الاعلامية وتخرج ثم حاول دراسة علوم التمريض في القطاع الخاص لكن انقطع بسبب المصاريف. فتح محلا لبيع ما يسمى “الملابس الشرعية والتقليدية التونسية” قرب جامع عقبة ابن نافع بالقيروان. المحل مفتوح منذ 4 سنوات. علاقته طيبة بجيرانه. وقال انه تم ايقافه دون ان يعلم بالتهمة الموجهة له وكان يطلب منه الاعتراف والإمضاء. ثم بعد يوم بدأت التهم توجه له. وقال انه تم في البداية ايقاف شخصين فقط ثم بدأ جلب موقوفين آخرين.

تهم بين الانكار والاعتراف

يوم ايقافه كان وسام عائدا من المسجد صباحا، فوجد قوات امنية تحاصر الحي الذي يسكن فيه. وقال “ظننت ان قوات الامن تطارد مشتبها فيه وعندما طلب منا الجلوس على الارض جلست وعندما عرفوا باسمي طلبوا مني مرافقتهم”.

“يوم الخميس30 جويلية حصل تعذيب بأتم معنى الكلمة وكلما انكرت زاد الضرب وكلما نفذت طلبهم يتوقف الضرب”.

“كنت معلقا في قضيب حديدي وكان المحقق يطلب مني الاعتراف بأشياء لا اعرفها وعندما أسال يقدمون لي الرواية التي لديهم ثم يطلبون مني الاعتراف بالتهم” واقر انه كان يعترف بكل ما يطلب منه من أجل ان يكف عنه التعذيب الذي تنوع بين الضرب والإغراق في الماء والتعليق والكي بسيجارة ثم بلغ الى حد التهديد بسلاح ناري”. وقال انهم كانوا يتعاقبون عليه ضربا وتقريرا الى حين أغمي عليه.

كانت التهمة التي وجهت لوسام هي “التخطيط لقتل سياح” وقال حسب معتقدي الديني فإنه يحرم قتل الناس وخصوصا السياح الذين وصفهم شرعا ب”المعاهدين وأهل الذمة” مستندا الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية (من يقتل معاهد لم يرح ريح الجنة…).

وقال ان محله يأتيه السياح ويشترون من محله.  وقال يعرف جيراني معاملتي مع السياح وتواصلي معه بلغاتهم.

“الحكاية طرحت في القرجاني” يقول وسام مبينا أنه بداية التهم كان هناك 2 أشخاص (حسان ونور الدين). ثم تم جلب بقية المتهمين وفي كل مرة تظهر تهم جديدة و”حبكة لسيناريو الهجوم على السياح” بداية استعمال سيارة وسام لجلب السياح من ليبيا من قبل شخص آخر (سيقوم سيارته الى ليبيا) واتهام طرف آخر (ادريس) بالمشاركة في العملية. وادريس هو ابن منطقة حي جامع عقبة. وقد كان حسان يعرف وسام بكونه “حريفا اشترى منه بعض البضاعة كما استضافه (قال بصفته أهل القرآن) وانه لم يلتقيه منذ شهرين ونصف. وقال وسام ان حسان لفظ باسمه في البحث (قال تحت التعذيب). هذا حسب افادة وسام ل”الشروق”.

يوافق وسام على نشر تصريحاته. وقال انه سيتحاشى لاحقا الاقامة في المنزل قرب محله. ولكنه معتزم على مواصلة نشاطه لكنه في الوقت الحالي ليس لديه وثائق ليتمكن من التنقل خاصة وان سيارته وهاتفه وأمواله لا تزال محجوزة. وقد نفى حسان التصريحات التي تحدثت عن “تبخره وعودته الى الجبال” وقال انه لم يغادر منزل العائلة في السبيخة ولم يسافر لاي منطقة بسبب عدم حيازته لوثائق الهوية.

وقد قررت دائرة الاتهام بابتدائية القيروان اطلاق سراح 5 من بين ال7 المتهمين، وهم الخمسة الذين قدموا شكايات ضد اعوان فرقة القرجاني بتعذيبهم حسب محامي المتهمين.

القهوة العربي…وراس الشادلية…وجه قهوتي مشرق

* خواطر ناجح الزغدودي

لا أعرف كم واحدة سكبت في فنجاني وأصبت توقعاتي للشكل الذي ستتخذه. ولكني في كل مرة أسكب القهوة التي أعددتها سواء بالصباح أو بالمساء، أتطلع الى رسمها وخطوها. أفعل ذلك تأملا واشتياقا مثل قارئ فنجان. إنما يقرأ العراف قاعها يائسا بحثا في بقايا أما أنا فأبحث في تفاؤل طلعها في سر صرتها ونكهة ماء الزهر الذي خالطها.

“القهوة بنت الوقت تشرب على مهل” وربما هي عائلة الوقت وخليلة كل رفيق لها.

في كل مرة أعد القهوة لأعهد اليها مهمة ايقاظ الحواس قبل الانطلاق في رحلة العمل والبحث عن الامل، صباحا أو لتكون أنيسة ومسلية بالليل وان أذهبت غفو الجفون، تتراءى الرسوم والخيال ونتوهم عطر الزمن وعرق المجتهد. وأمسك نفسي عن نشر صورة لتلك المؤنسة البهية مثلما يفعل العشاق مع صورهم في الخلوات والرحلات وهمس الحنين.

مع توافر شبكات التواصل الاجتماعي وتهافت المبحرين على مواقعها، تحولت القهوة الى ايقونة ثابتة وفقرة صباحية متجددة على الصفحات. بها تبدأ تحية الصباح الأولى تغازل خيوط الشمس المنسدلة وتختم بها الأمسيات المهفهة النسمات.

بين القهوة الواقعية المنشورة والصور الافتراضية لقهوة مشتهاة، يصير تنافس وتفاخر وتسابق حتى يكاد عشاقها ينظمون لها مسابقة أجمل قهوة او ألذ مؤنسة أو ازكى ملهمة او أعطر خليلة أو أشهى حلم. يا للقهوة وسحرها.

اسمها عتيق ومنشأها ولكن اسمها متجدد وصفاتها. يتحدث عنها الطبيب في زعم فوائد ونفي مضار وتطالعنا شركات الاشهار تتبارى حول المعنى والشعار. صحيح نكهة القهوة تختلف وريح القهوة يختلف وشكل وجه القهوة يختلف وصرتها تختلف ومكوناتها تختلف. ولكن في الاخير هي قهوة واحدة الا من اضاف لسمرتها النقية الاصيلة بياضا لحليب من زمن الطفولة.

لعل القهوة هي التي منعت الحروب ووحدت الشعوب دون ان نعلم نحن البشر عن الحقيقة شيئا وندعي الكثير. لا احد يعلم يقينا من اول من شرب القهوة. والى اليوم بعضنا لا يعرف معاني القهوة.

صمتا، على موجات بعض الاذاعات اسمع قهوة بمسميات لبرامج وفقرات. بها يفتتح الحوار وتلقى تحية الصباح. “هل شربت قهوتك؟” لا شك ان هناك من يسألك يوميا ويحضرها لك من تعود ان يلهمك ويسعفك حتى وان كنت لا تعتني براحتيه وهي تضع القهوة وتضيف السكر. ربما لا تريد سكرا في القهوة وهذا ليس مشكلا…وحدها القهوة قهوة بلا اضافات رشيقة خفيفة مريئة وهي مريرة.

“أين قهوتي”، كنت أطالعها على صفحة الفيسبوك، للباي معز الصحفي الذي يسأل عن قهوته الصباحية. لم اكن اعرفه وعندما عرفت قهوته عرفته. صديقنا المغربي الذي قال ذات مرّة “أنه يحبنا” وهو يلقي لنا الشروح ويضيف لنا المعاني لنتقى الحدث والحديث، قرّر ان يضيف عبارة “سنشوف” لفصيح الكلام ولكنه سرق من الباي معز عبارته “أين قهوتي”. يزين بها صفحته وأنا أتخيل لهجته المغربية الاصيلة وهو ينطق عبارة “قهوتي” من يخبرنا حقيقة، هل القهوة المغربيّة ألذ أم عبارة القهوة بلسان مغربي.

التقطت صورا لقهوتي ونشرت صورا لقهوتي. وقتها وددت لو اني أهدي لمن معي في الصفحة الافتراضية قهوة قهوة…ولكني في الحقيقة شاركتهم روح القهوة وأمل القهوة وسر في تلك الصرر.

للقهوة فنجان مخصوص نحتفظ به…فقط للقهوة. ننقله نحمله معنا يرافقنا بحثا عن قهوة يملؤنا قبل أن نملأه قهوة.

هههه، ها انا أضحك نعم. أذكر أول مرة تعلمت عبارة “دلق القهوة فأل خير”…ههه لا اذكر من قالها ولكنها عبارة خرافية متداولة. لا أريد أن أكون متصوفا في عشقي للقهوة فأبالغ بالقول أن القهوة متفقة مع القدر لتهدي خيرا وتنشر بشرا في ارجاء المكان لمن دلقت له قهوته. ههه الأقرب أنها مواساة يا صديقي الذي يقولها دعك من ذلك. هل تعتقد ان خسران قهوة فيه فأل خير. طير من امامي لا أؤمن بالتطير.

ههههههه تذكرت أمرا آخر غريبا. المعذرة عن الضحكات في حضرة القهوة التي تركتها ترتاح من رحلة النار.

عندما سمعت خالتي تقسم “وراس ها الشادليّة”، وهي تتحدث مع زوجة قريب زوجها، لم أدرك معنى هذا القسم. تعلمنا ان نقسم “والله”، فما حكياة الشاذلية. يومها دفنت حيرتي وأجلت الاستفسار. تحينت فرصة لقاء بيني وبين خالتي تؤنسنا قهوة فسألتها ما حكاية”راس الشادلية” لإخبرتني ضاحكة…هي القهوة. كم هي مرحة خالتي رغم الألم ورحلة الصبر في العاصمة. كنت اشتقال الى العيش في العاصمة ولكني لم اعد افعل. صحيح فيها قهوة لذيذة ولكن القهوة، بكل احترام، لا تصنع الربيع في العاصمة.

“قهوة عربي”

للقهوة جنسيات مختلفة. آخر جنسية سمعتها هي “قهوة أمريكيّة” استضافتني لشربها صديقة قيروانية نحتت لها اسما في العاصمة وفرضت جهدها وحصلت على لقب الذهب. من حسن حظي أنني تعرفت سابقا الى القهوة الامريكيّة من بين انواع القهوة الكثيرة…وألذها قهوة الشوكلاطة. هنيئا للبونديين.

نحن العرب تميزنا القهوة العربي. ربما لأنها يمنية أصيلة وربما لأننا نطبخها نحن العرب بأيدينا. ولأهل الشرق عادات في شرب القهوة منها الطريف ومنها المثير.

في مدينتي القيروان، تمتلئ الشوارع برائحة القهوة حتى تكاد تتعثر من ريحها أو تصطدم بها على كل رصيف. لا تحلو القهوة لبعضنا سوى على الرصيف بمشاهد أنثوية عابرة هي أقرب للتلصص والتحرش بذريعة القهوة.

للأنثى حظها من القهوة، ان نفرها صخب المقاهي الشعبية فتختلي بها في مكان خفي لا اعلم لماذا يسمى قاعة شاي ولا يسمى قاعة قهوة كأن القهوة لا تصلح للأنس والصداقة وخلوة العشاق. ربما هي مصادفة التسميات المستوردة.

في الحقيقة لا ألوم ذلك الموظف الذي غادر مكتبه لجلب قهوة، فهل يحلو العمل ويروق بلا قهوة؟ هل يمكن لنا ان نتحاور ونتخاطب دون خصام، بلا قهوة؟

ههههه لا تسألني عن حكاية “نعطيك قهوتك” أو “اعطيني قهوتي” لأنها قهوة باهظة الثمن رائحتها لا تروق لي وفيها شكوك وتشوبها الشوائب وقد تؤدي الى الحرمان من القهوة الى الأبد.

هل يوجد في الجنة قهوة؟ لم اصادف العبارة في ما تلوت من قرآن كريم. ولكني اذكر أنني كنت اخالني في الجنة وانا في منزل حبيبتي ارشف فنجان القهوة التي صاغتها يمناها وأمني مع كل رشفة، رشفة برشفة ومع رشقة النظرات يمتشق خيالي أجمل حلله…ويذهب بي رويدا مع السنين لأجد رفيقة دربي نفسها قهوة ادمان ومن حولنا وصال ومحمد أمين لا يشربان سوى قهوة الصغار ويتركون لي قهوة الكبار.

كبرت مع تلك القهوة، أقصد مع تلك المرأة التي أحببت منذ الصبى. صغتها أملا رافقني كبر معي لم تتغير نكهتها، هي ذاتها أصالتها. ألم أقل لكم ان القهوة هي بنت العشق، فيها الأمل والصرة تهدينا من سمرتها بياض الحلم وشغف الحياة.

بمرارة القهوة الخالية من سكر الشغل، للبطال قصة مخالفة مع القهوة والمقهى. القهوة عنده قاتلة الوقت تصد قاتلي الاحلام تخفف الوجع وتسكن الألم وتؤنس الوحدة وتشرب مع الصبر رشفة رشفة.

مازلت مع قهوتي…