وزير الداخلية كرم أحد “الارهابيين” في جامع عقبة…والقضاء برأه

 

كتب ناجح الزغدودي

لم ينته الجدل القائم بخصوص  ما اصبح يعرف ب “خلية القيروان” المكونة من 7 أفراد حسب التقارير الأمنية والتي وجهت لها تهم مختلفة منها استهداف سياح اجانب في محيط جامع عقبة. وبالتوازي مع البحث في تهم التعذيب تم تداول معلومات عن اختفائهم ومنهم من قال “تبخروا” ومنهم من قال عادوا اى الجبال.

” تمكنت من مقابلة اثنان من المتهمين من اللذين قبلوا الحديث لوسائل الاعلام في حين خير آخرون التزام الصمت متخذين موقفا من الاعلام ومنهم من لا يزال تحت تأثير التعذيب.

قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 10 أوت الماضي اطلاق سراح ال7 الموقوفين مباشرة اثر جلسة الاستماع. وهو قرار اطلاق سراح ثاني في حق نفس المجموعة التي احيلت يوم 4أوت الماضي على انظار قاضي التحقيق بالمكتب 20 وقرر اطلاق سراحهم قبل ايقافهم من جديد من قبل فرقة القورجيني. وما تزال هناك تداعيات قانونية وحقوقية للقضية التي تحولت الى قضية رأي عام خصصت لها لجنة برلمانية للتحقق من مزاعم التعذيب.

وزير الداخلية يكرم متهما…دون ان يعلم

عاد جميع الموقوفين الى منازلهم حسب محاميهم بشكل سريع خشية ايقافهم ثانية. كان حسان العياشي آخر من غادر تونس نظرا لكونه أصيل منطقة سبيبة من معتمدية القصرين ولم يجد وسيلة نقل للعودة. ووصف حسان بكونه زعيم “خلية القيروان” التي كثرت التصريحات الاعلامية بشأنها.

 حسان، كان قد جاء الى القيروان في اطار الدراسة. حفظ فيها القرآن الكريم بإحدى الجمعيات القرآنية ودرس بمعهد “الامام مالك للعلوم الشرعية” وهو معهد تشرف عليه جمعية الامام مالك التي كان يشرف عليها فيصل الهمادي، المتهم السابق في قضية “خلية القيروان”.

 وزير الداخلية يكرم محسان

حسان كان من بين الحفاظ الذين كرمهم وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي ليلة ال27 من رمضان. وتظهر صورة التكريم الى جانب الغرسلي والي القيروان ونائب البرلمان سهيل العلويني ورئيس البلدية وامام جامع عقبة. وحدث من التقيناهم كيف حاور حسان وزير الداخلية اثر مقابلتهم في مركز الايقاف بالقورجاني وأخبره أنه “كرمه فرد عليه الوزير “كل حاجة في بلاصتها”.

يوم زيارة وزير الداخلية (قبل ايقاف حسان) شهدت القيروان حضورا امنيّا مكثفا. وقد افاد وزير الداخلية يومها في رد عن التواجد الامني المكثف أنه أمر عادي مثل بقية الجهات. لكن في تلك الفترة لم تكن القيروان مثل بقية الجهات. ففي الوقت الذي ذهبت فيه القوات الأمنية التي وفرت الحماية الأمنية لوزير الداخلية وضيوف الجامع، لم تتبق سوى دوريات امنة للأمن السياحي في محيط جامع عقبة تؤمن حراسة جامع عقبة.

في تلك الفترة تم تداول معلومات عن محاولات استهداف جامع عقبة وإمكانية استهداف سياح. وكانت اليقظة على أشدها. من ذلك عندما حاول مواطنان الصعود الى مئذنة جامع عقبة، تم استدعاء الأمن الذي جاء ورافق احد العاملين بالجامع والبحث معه بمنطقة الأمن ثم أطلق سراحه.

كان حسان العياشي، صاحب الجائزة هو منطلق القضية الى جانب شخص آخر من مدنين. وجهت لهما تهمة السفر الى ليبيا بالاستناد الى دردشة على الفيسبوك. ثم تم استدعاء عدد آخر من المتهمين الى حين وصول العدد الى 7 متهمين وأصبح هناك ما يعرف ب”خلية القيروان” التي دارت حولها عديد الروايات.

فيصل الهمادي الذي نفى تعرضه للتعذيب ووجهت له تهمة التحريض على السفر الى سوريا ومبايعة “داعش”. والثاني وسام العرفاوي والذي تحدث عن تعرضه للتعذيب ووجهت له تهم التخطيط لاستهداف سياح اجانب.

كانت مقابلات “المتهمان” منفصلة في منزل كل واحد منهما وهما يعيشان حياة عادية بعد الافراج يحاولان تجاوز الاثر النفسي لما عاشاه طيلة اسبوعين. يقطن فيصل بمنطقة الباطن ويقطن وسام بمعتمدية السبيخة.

فيصل الهمادي، تحصل على الباكالوريا درس بالسنة الاولى رياضيات تطبيقية ثم اتجه الى السعودية ودرس الشريعة وحصل على الاستاذية ثم الماجستير بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف. عاد الى تونس بعد الثورة وكان اماما خطيبا بجامع الفتح بمدينة القيروان الى حين تعرضه الى عملية جراحية منعته من صعود المنبر واصدار قرار بالغاء صلاة الجمعة من الجامع. وهو رئيس سابق لمعهد الامام مالك للعلوم الشرعية وقال أنه لم يعد رئيسها منذ فترة.

طلبة المعهد والمدير…متهمون

الهمادي (أب ل3 أطفال) قال انه عاطل عن العمل ينتظر شغلا في اختصاصه وقد قام بمعادلة للماجتسير لدى وزارة التعليم العالي لشهادة الماجستير التي تحصل عليها في السعودية الى جانب اجازات اخرى وشهادة في حفظ القرآن الكريم. وقد اوراقه من اجل تعيينه اماما خطيبا بأحد المساجد. وقد سبق له امامة الناس بعد “استشارة الواعظ الديني الذي قبل مني الاوراق الى حين تعييني اماما على المسجد”.

وقال الهمادي ان فرقة مكافحة الارهاب يوم ايقافه (30 جويلية) حضرت الى منزله طلبت منه مرافقتها في هدوء ولم يتم تفتيش منزله (قال ان احد الاعوان قبل ابنه). وصرح انه لم يعلم بالتهمة الموجهة له الا عند انطلاق البحث. وقال انه تم بحثه بخصوص تهمة التحريض على الذهاب الى سوريا. وقال الهمادي “ان التهمة باطلة وعارية عن الادلة والبراهين وهي لا يمكن ان تصدر من مسلم عاقل يريد الامن له ولبلده فضلا عن ان تصدر من طالب علم حصل على شهادات اراد ان ينفع بها بلده. وقال ان من حضر الخطب يشهد بالتزامي بما جاء في الكتاب والسنة والالتزام بما جاء في مذهب الامام مالك السني”.

وقد جيء ببعض الشباب الذين درسوا في المعهد وذهبوا الى شؤونهم الخاصة منذ سنوات” وبحكم اني كنت مشرفا على المدرسة جاؤوا بهؤلاء الشباب  في نفس المجموعة قال شهد على تهمة التحريض لكن الهمادي انكرها. وافاد ان الشاهد تراجع امام قاضي التحقيق لأنه اعترف تحت التعذيب. مؤكدا أنه سبق له تقديم قائمة في الطلبة الى منطقة الأمن بالقيروان قبل ايام من ايقافه. وأوضح أنه حصلت مكافحة بينه وبين بقية المتهمين. وقال ان خطبه ودروسه مسجلة

استهداف السياح…الحكم الشرعي

لم يتعرض الهمادي الى التعذيب وقال انه تعرض له فقط “الضغط والعنف المادي” والتهديد في صورة عدم التوقيع على المحضر. وكذلك عدم تمكينه من الاطلاع على محضر البحث. وقال بأنه تفاجئ أمام قاضي التحقيق (مكتب 20) بأنه امضى على 7 أوراق قال انه لم يقرأها منها تهم مبايعة داعش مؤكدا انه نفى هذه التهم امام قاضي التحقيق في مناسبتين وتم الافراج عنه.

وأفاد الهمادي ان وزير الداخلية زارهم في مركز الايقاف وعاين الصحة الجسدية للموقوفين مساء الثلاثاء (4 أوت)  اثر اعادة ايقافهم قبل الندوة الصحفية التي عقدها. وتحدث معهم فردا فردا وذكر انه اثر خروجهم من المحكمة تم اعادة ايقافهم وتم اخبارهم بانهم سيغادرون بمجرد التوقيع على بعض الاوراق. وقال الهمادي ان فترة الايقاف الثانية لم يتم فيها التحقيق معهم في اي تهم وانما تم فقط امرهم بالإمضاء ولم يتم تعذيب أي أحد وتحدث عن اختفاء اعوان كانوا يحققوا معهم. وقد طلب منهم فقط التوقيع على الأوراق وقد رفض بعضهم رغم التهديد وقال ان قاضي لتحقيق طلب منهم عدم الامضاء على اي وثيقة.

وقد حكم قاضي التحقيق الثاني باطلاق سراح جميع الموقوفين في قضية “خلية القيروان”. وقال الهمادي انه اثناء تواجده بالقرجاني لم يسمع بتهمة “التخطيط لاستهداف سياح” وقال ان استهداف السياح محرم شرعا “ولا يجوز لنا البتة نقض العهود” معتبرا السياح من منظور شرعي هم “معاهدون لا يليق ايذاءهم” والحرص على دعوتهم لزيارة البلاد ومعرفة الاسلام.

وتحدث عن حضور وزير الداخلية (بعد انتصاف الليلة التي اختطفوا فيها) واخبره بدوره انه لم يعذب في حين عاين اثار التعذيب لدى اجساد موقوفين آخرين الى جانب حضور اعضاء اللجنة البرلمانية قبل احالتهم الى الطبيب الشرعي بمستشفى شارلنيكول. وتحدث عن عدة حالات من التعذيب الذي تعرض لها بعض الموقوفين.

وسام العرفاوي تم ايقافه يوم 29 جويلية. درس وسام علوم الاعلامية وتخرج ثم حاول دراسة علوم التمريض في القطاع الخاص لكن انقطع بسبب المصاريف. فتح محلا لبيع ما يسمى “الملابس الشرعية والتقليدية التونسية” قرب جامع عقبة ابن نافع بالقيروان. المحل مفتوح منذ 4 سنوات. علاقته طيبة بجيرانه. وقال انه تم ايقافه دون ان يعلم بالتهمة الموجهة له وكان يطلب منه الاعتراف والإمضاء. ثم بعد يوم بدأت التهم توجه له. وقال انه تم في البداية ايقاف شخصين فقط ثم بدأ جلب موقوفين آخرين.

تهم بين الانكار والاعتراف

يوم ايقافه كان وسام عائدا من المسجد صباحا، فوجد قوات امنية تحاصر الحي الذي يسكن فيه. وقال “ظننت ان قوات الامن تطارد مشتبها فيه وعندما طلب منا الجلوس على الارض جلست وعندما عرفوا باسمي طلبوا مني مرافقتهم”.

“يوم الخميس30 جويلية حصل تعذيب بأتم معنى الكلمة وكلما انكرت زاد الضرب وكلما نفذت طلبهم يتوقف الضرب”.

“كنت معلقا في قضيب حديدي وكان المحقق يطلب مني الاعتراف بأشياء لا اعرفها وعندما أسال يقدمون لي الرواية التي لديهم ثم يطلبون مني الاعتراف بالتهم” واقر انه كان يعترف بكل ما يطلب منه من أجل ان يكف عنه التعذيب الذي تنوع بين الضرب والإغراق في الماء والتعليق والكي بسيجارة ثم بلغ الى حد التهديد بسلاح ناري”. وقال انهم كانوا يتعاقبون عليه ضربا وتقريرا الى حين أغمي عليه.

كانت التهمة التي وجهت لوسام هي “التخطيط لقتل سياح” وقال حسب معتقدي الديني فإنه يحرم قتل الناس وخصوصا السياح الذين وصفهم شرعا ب”المعاهدين وأهل الذمة” مستندا الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية (من يقتل معاهد لم يرح ريح الجنة…).

وقال ان محله يأتيه السياح ويشترون من محله.  وقال يعرف جيراني معاملتي مع السياح وتواصلي معه بلغاتهم.

“الحكاية طرحت في القرجاني” يقول وسام مبينا أنه بداية التهم كان هناك 2 أشخاص (حسان ونور الدين). ثم تم جلب بقية المتهمين وفي كل مرة تظهر تهم جديدة و”حبكة لسيناريو الهجوم على السياح” بداية استعمال سيارة وسام لجلب السياح من ليبيا من قبل شخص آخر (سيقوم سيارته الى ليبيا) واتهام طرف آخر (ادريس) بالمشاركة في العملية. وادريس هو ابن منطقة حي جامع عقبة. وقد كان حسان يعرف وسام بكونه “حريفا اشترى منه بعض البضاعة كما استضافه (قال بصفته أهل القرآن) وانه لم يلتقيه منذ شهرين ونصف. وقال وسام ان حسان لفظ باسمه في البحث (قال تحت التعذيب). هذا حسب افادة وسام ل”الشروق”.

يوافق وسام على نشر تصريحاته. وقال انه سيتحاشى لاحقا الاقامة في المنزل قرب محله. ولكنه معتزم على مواصلة نشاطه لكنه في الوقت الحالي ليس لديه وثائق ليتمكن من التنقل خاصة وان سيارته وهاتفه وأمواله لا تزال محجوزة. وقد نفى حسان التصريحات التي تحدثت عن “تبخره وعودته الى الجبال” وقال انه لم يغادر منزل العائلة في السبيخة ولم يسافر لاي منطقة بسبب عدم حيازته لوثائق الهوية.

وقد قررت دائرة الاتهام بابتدائية القيروان اطلاق سراح 5 من بين ال7 المتهمين، وهم الخمسة الذين قدموا شكايات ضد اعوان فرقة القرجاني بتعذيبهم حسب محامي المتهمين.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *